Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 118-121)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الآية ، ذكر أن السبب في نزولها أنهم " قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل الشاة التي ماتت ؟ قال الله تعالى : قالوا : فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك وما قتله الصقر والكلب حلال وما قتله الله تعالى حرام " فنزلت . ولما تضمنت الآية التي قبلها الإِنكار على اتباع المضلين الذين يحلون الحرام ويحرمون الحلال وكانوا يسمون في كثير مما يذبحونه اسم آلهتهم ، أمر المؤمنين بأكل ما سمي على ذكاته إسم الله تعالى لا غيره من آلهتهم . { إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } علق أكل ما سُمِيَ الله على ذكاته بالإِيمان كما تقول : أطعني إن كنت ابني ، أي إن كنتم مؤمنين فلا تخالفوا أمر الله تعالى ، وهو حث على أكل ما أحل وترك لما حرم . { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } أي وأيّ غرض لكم في الامتناع من أكل ما ذكر اسم الله عليه . وهو استفهام يتضمن الإِنكار على من امتنع من ذلك ، أي لا شىء يمنع من ذلك . { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ } في هذه السورة لأنها على ما نقل مكية ونزلت في مرة واحدة فلا يناسب أن يكون . وقد فصل راجعاً إلى تفصيل البقرة والمائدة لتأخرهما في النزول عن هذه السورة . والجملة من قوله : وقد فصل ، في موضع الحال ، وقرىء : فصل وحرم مبنياً للفاعل ومبنياً للمفعول . { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ } إستثناء من قوله : ما حرم عليكم . { وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم } أي وإن كثيراً من الكفار المجادلين في المطاعم وغيرها ليضلون بالتحليل والتحريم بأهوائهم وشهواتهم . { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي بغير شرع من الله تعالى بل بمجرد أهوائهم كعمرو بن لحي ومن دونه من المشركين كأبي الأحوص بن مالك الجشمي ، وبُديل بن ورقاء الخزاعي ، وحليس بن يزيد القرشي ، الذين اتخذوا البحائر والسوائب . { وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } الآية ، الإِثم عام في جميع المعاصي لما عتب عليهم في ترك أكل ما سمي الله عليه ، أمروا بترك الإِثم ما فعل ظاهرا وما فعل في خفية ، فكأنه قال : اتركوا المعاصي ظاهرها وباطنها ، قاله أبو العالية وغيره . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ } في الدنيا . { سَيُجْزَوْنَ } في الآخرة ، وهذا وعيد وتهديد للعصاة . { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الآية ، لما أمر بأكل ما سمي عليه وكان مفهومه أنه لا يؤكل ما لم يذكر اسم الله عليه أكد هذا المفهوم بالنص عليه . والظاهر تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه عمداً كان ترك التسمية أو نسياناً ، ربه قال ابن عباس وجماعة . وروي عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت وجماعة ، من التابعين : أنها منسوخة بقوله تعالى : { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } [ المائدة : 5 ] ، وأجازوا ذبائح أهل الكتاب وإن لم يذكر اسم الله عليها . ولا يسمى ذلك نسخاً بل هو تخصيص . وروي عن عائشة وعلي وابن عمر أن الآية محكمة ولا يجوز لنا أن نأكل من ذبائحهم إلا ما ذكر اسم الله عليه . { وَإِنَّهُ } الضمير في " وانه " عائد إلى المصدر الدال عليه تأكلوا ، أي وان الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه . { لَفِسْقٌ } لمعصية وهذه الجملة لا موضع لها من الاعراب وتضمنت معنى التعليل ، فكأنه قيل : لفسقه . { وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ } عام في شياطين الإِنس والجن كما في أول الحزب عدوا شياطين الإِنس والجن . { لَيُوحُونَ } ليلقون في خفاء ووسوسة بالتمويه والتلبيس . { إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ } يعني من الإِنس ككفار قريش وغيرهم . { لِيُجَٰدِلُوكُمْ } علة للإِيحاء . { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } هذا إخبار أن ما صدر من جدال الكفار للمؤمنين ومنازعتهم فإِنما هو من الشياطين يوسوسون لهم به . ولذلك ختم بقوله تعالى : { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } أي وإن أطعتم أولياء الشياطين إنكم لمشركون لأن طاعتهم طاعة للشياطين وذلك إشراك وجواب الشرط زعم الحوفي أنه إنكم لمشركون على حذف الفاء ، أي فإِنكم لمشركون وهذا الحذف من الضرائر فلا يكون في القرآن ، وإنما الجواب محذوف . وإنكم لمشركون جواب قسم محذوف التقدير والله إن أطعتموهم . وكقوله تعالى : { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ } [ المائدة : 73 ] ، وأكثر ما يستعمل هذا التركيب بتقديم اللام المؤذنة بالقسم المحذوف على أن الشرطية كقوله تعالى : { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } [ الحشر : 12 ] ، وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه .