Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 107-110)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً } الآية ، " لما ذكر طرائق ذميمة لأصناف المنافقين أقوالاً وأفعالاً ، ذكر أن منهم من بالغ في الشر حتى ابتنى مجمعاً للمنافقين يرتبون ما شاؤا فيه من الشر وسموه مسجداً ، ولما بنى بنو عمرو بن عوف مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وصلى فيه ، حسدهم بنو عمهم بنو غنم بن عوف وبنو سالم بن عوف وحرضهم أبو عامر الفاسق على بنائه حين نزل الشام هارباً من وقعة حنين فراسلهم في بنائه وقال : ابنوا لي مسجداً فإني ذاهب إلى قيصر آتي بجند من الروم فأخرج محمداً وأصحابه . فبنوه إلى مسجد قباء وكانوا اثني عشر رجلاً من المنافقين جزام بن خالد ومن داره أخرج المسجد ، وثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قضير ، وحارثة بن عامر ، وابناه مجمع وزيد ، ونبتل بن الحارث ، وعباد بن حنيف ، ونجاد بن عثمان ، ووديعة بن ثابت ، وأبو حنيفة الأزهر ، وبحزج بن عمرو ، ورجل من بني ضبيعة وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنينا مسجداً لذي القلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة . فقال صلى الله عليه وسلم : إني على جناح سفر وحال شغل ، وإذا قدمنا صلينا إن شاء الله فيه . وكان أمامهم مجمّع بن حارثة وكان غلاماً قارئاً للقرآن حسن الصوت وهو ممن حسن إسلامه وولاّه عمر إمامة مسجد قباء بعد مراجعة ، ثم بعثه إلى الكوفة يعلمهم القرآن . فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك نزل بذي اوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، ونزل عليه القرآن في شأن مسجد الضرار ، فدعا مالك بن الدخشم ومعنا وعاصماً ابني عدي . وقيل : بعث عمار بن ياسر ووحشياً قاتل حمزة بهدمه وتحريقه ، فهدم وحرف بنار في سعف واتخذ كُناسة ترمي فيها الجيف والقمامة " وقرىء : الذي بغير واو . فاحتمل أن يكون بدلاً من قوله : وآخرون ، مُرْجَوْن . وان يكون خبر مبتدأ تقديره هم الذين وأن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره منهم الذين . واتخذوا هنا تعدى لواحد كقوله : اتخذت بيتاً أي عملت بيتاً . وضراراً مفعول من أجله . وقوله : ان أردنا إلا الحسنى هي جملة القسم المحلوف عليه مصدرة بأن النافية التقدير ما أردنا إلا الحسنى كقوله : { وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا } [ فاطر : 41 ] ، أي ما أمسكهما من أحد من بعده . { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } نهاه أن يقوم فيه أبداً لأن بُنَانة كانوا خادعوا الرسول فهمّ الرسول بالمشي معهم واستدعى قميصه لينهض . فنزلت : لا تقم فيه أبداً . وعبّر بالقيام عن الصلاة فيه . قال ابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين : المؤسس على التقوى مسجد قباء أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه أيام مقامه بقباء وهي يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس . { يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } في الحديث قال لهم : " يا معشر الأنصار رأيت الله أثنى عليكم بالطهور فماذا تفعلون ؟ قالوا : يا رسول الله انا رأينا جيراننا من اليهود يتطهرون بالماء يريدون الاستنجاء بالماء ففعلنا ذلك ، فلما جاء الإِسلام لم ندعه . فقال : فلا تدعوه اذن " وقرىء : أسس بنيانه مبنياً للفاعل وأسس مبنياً للمفعول فيهما . شفا الشىء : حافته ، وألفه مقلبة عن واو لذلك يقال في تثنيته شفوان . والجرف : ما جرفه السيل من الأودية أو الهوة ، قاله أبو عبيدة . وقيل : الجرف البئر التي لم تطو وهار أي ساقط . يقال : هار يهور وهار يهير ، واسم الفاعل هائر فقيل : حذفت الهمزة فبقي هار . وقيل : قلبت الكلمة من هائر إلى هارىء فحذفت الياء لأجل التنوين وصار الإِعراب في الراء ، قالوا : في الرفع : هارٌ ، وفي النصب : هاراً ، وفي الجر : هار . { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ } الآية ، ويحتمل أن يكون البنيان هنا مصادراً ، أي لا يزال ذلك الفعل وهو البنيان . ويحتمل أن يراد به المبنيُ فيكون على حذف مضاف ، أي لا يزال بناء المبنيّ . { رِيبَةً } أي شكا يريد سبب ريبة . وقرىء : { تَقَطَّعَ } مبنياً للمفعول وتقطّع مبنياً للفاعل وأصله تتقطع وحذفت التاء الثانية فبقي تقطع .