Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 80-83)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } الآية ، سأل عبد الله بن أبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رجلاً صالحاً أن يستغفر لأبيه في مرضه ففعل . فنزلت . فقال عليه السلام : " قد رخص لي فأزيد على السبعين " فنزلت سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم وعلى هذا فالضمائر عائدة على جميع المنافقين ، والخطاب بالأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم . والظاهر أن المراد بهذا الكلام التخيير ، وهو الذي روي عنه صلى الله عليه وسلم وقد قال له عمر : " كيف تستغفر لعدو الله وقد نهاك الله عن الاستغفار لهم ؟ فقال عليه السلام : ما نهاني ولكنه خيّرني " فكأنه قال له : إن شئت فاستغفر وإن شئت فلا تستغفر ، ثم أعلمه أنه لا يغفر لهم وإن استغفر سبعين مرة . { فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ } الآية ، لما ذكر تعالى ما ظهر من النفاق والهزء من الذين خرجوا معه إلى غزوة تبوك من المنافقين ، ذكر حال المنافقين الذي لم يخرجوا معه وتخلفوا عن الجهاد ، واعتذروا بأعذار وعلل كاذبة حتى أذن لهم ، فكشف الله تعالى لرسوله عن أحوالهم وأعلمه بسوء فعالهم ، فأنزل عليه فرح المخلفون أي عن غزوة تبوك ، وكان عليه السلام قد خلفهم بالمدينة لما اعتذروا فأذن لهم . وهذه الآية تقتضي التوبيخ والوعيد . ولفظة المخلفون تقتضي الذم والتحقير ، ولذلك جاء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وهي أمكن من لفظ المتخلفين ، إذ هم مفعول بهم ذلك ولم يفرح إلا منافق فخرج من ذلك الثلاثة وأصحاب العذر . ولفظ المقعد يكون للزمان والمكان والمصدر وهو هنا للمصدر ، أي بقعودهم . وهو عبارة عن الأمة بالمدينة . وانتصب خلاف على الظرف أي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال فلان أقام خلاف الحي أي بعدهم إذا ظعنوا ولم يظعن معهم . ومنه قول الشاعر : @ وقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تأهب لأخرى مثلها وكأن قد @@ { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى فإِن رجعك الله من سفرك هذا وهو غزوة تبوك . { فَٱسْتَأْذَنُوكَ } عطف على محذوف تقديره فاردت الخروج بعد الرجوع فأستأذنوك . وجواب الشرط قوله : فقل ، وأمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم لن تخرجوا معي هي عقوبة لهم وإظهار لدناءة منزلتهم وسوء حالهم . وأكد نفي الخروج في المستقبل بقوله : { أَبَداً } وهو ظرف مستقبل وانتقل بالنفي من الشاق عليهم وهو الخروج إلى الغزاة إلى الأشق وهو قتال العدو لأنه أعظم الجهاد وثمرة الخروج وموضع بارقة السيوف التي تحتها الجنة . ثم علل انتفاء الخروج والقتال بكونهم رضوا بالقعود أول مرة ، ورضاهم ناشىء عن نفاقهم وكفرهم وخداعهم وعصيانهم أمَر الله تعالى في قوله : { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً } [ التوبة : 41 ] . وقالوا هم لا تنفروا في الحر ، فعلل بالمسبب وهو الرضا الناشىء عن السبب وهو النفاق وأول مرة هو الخرجة إلى غزوة تبوك ومرة مصدر ، كأنه قيل : أول خرجة دعيتم إليها ، لأنها لم تكن أول خرجة خرجها الرسول عليه السلام للغزاة فلا بد من تقييدها ، إذ الأولية تقتضي السبق . وقيل : التقدير أول خرجة خرجها الرسول لغزو الروم بنفسه . وقيل : أول مرة قبل الاستئذان .