Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 27-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } ؛ معناهُ : والذين أبَوا طاعةَ اللهِ في ما أمَرَهم به ونَهاهُم عنه ، يجازِيهم اللهُ بما يستحقُّونه على العقوبةِ ، ولا يجازِيهم بأكثرَ من الاستحقاقِ ، بخلافِ الطاعة فإنه تعالى قد يتفضَّلُ على الْمُطِيعِ بزيادة الأجرِ ، فإنه كان يجوزُ أن يتَّصِلَ ابتداءً بتلك الزيادةِ ، والجزاءُ مرفوعٌ بإضمارٍ ، كقوله { فَفِدْيَةٌ } [ البقرة : 196 ] أي فَعَلَيْهِ ذلكَ ، ويجوزُ أن يكون مَرفوعاً بالابتداءِ خبرُ { بِمِثْلِهَا } أي مثلِ ، الباءُ فيه زائدةٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } ؛ أي يَعْلُوهُمْ كآبَةٌ وكسُوفٌ وهوانٌ ؛ لأن العقابَ لا يكون عقاباً بمجرَّد الألَمِ ، وإنما يكون عِقاباً بما يُقَارِنْهُ بإرادة الإذلالِ والإهانةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } ؛ أي ما لَهم من حافظٍ يدفعُ عنهم عقابَ الله . وقولهُ تعالى : { مِنْ عَاصِمٍ } مِنْ هَاهُنا صلةٌ . وقوله : { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً } ؛ أي كأنَّما ألبسَتْ وجُوهم قِطَعاً من اللَّيل ، أكثرُ القراءةِ على فتحِ الطَّاء وهو جمعُ قِطْعَةٍ ، ويكون { مُظْلِماً } على هذهِ القراءة نَصباً على الحالِ ، والقطعُ دونَ النعتِ كأنَّه أرادَ قِطَعاً من الليلِ المظلم ، فلما حذفَ الألفَ واللام نُصب على القطعِ . ويجوزُ أن يكون حالاً ؛ أي قِطَعاً من الليلِ في حال الظُّلمة . وقرأ ابنُ كثير والكسائي ويعقوب ( قِطْعاً ) ساكنةً الطَّاء ؛ أي بَعْضاً كقولهِ تعالى : { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ } [ الحجر : 65 ] ويكون { مُظْلِماً } نعتاً للقطعِ ، وقولهُ تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ؛ ظاهرُ المعنى . قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أهْلِ الشِّرْكِ ) . وقولهُ : { جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } أي قِصَاصُ الشِّركِ بالله النارُ ، ليس في النارِ زيادةٌ على جزاءِ الْمِثْلِ ، إذ لا ذنبَ أعظمُ من الشِّرك ، ولا عِقَابَ أشدُّ من النار ، كما قال تعالى : { جَزَآءً وِفَاقاً } [ النبأ : 26 ] . وقال صلى الله عليه وسلم : " أوْقِدَ عَلَى النَّار ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّت ، ثُمَّ أُوْقِدَ عَلَيْهَا ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ، ثُمَّ أُوْقِدَ عَلَيْهَا ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ ، فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللِّيْلِ الْمُظْلِمِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإنَّ لَوْنَهَا أشَدُّ سَوَاداً مِنَ الْقَبْرِ فِي عَيْنَيْنِ خََضْرَاوَيْنِ ، وَأهْلُهَا سُودٌ ، فَكَذلِكَ طَعَامُهَا وَشَرَابُهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ ، لَوِ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِهَا عَلَى الأَرْضِ لاَسْوَدَّتْ بهَا الأَرْضَ مِنْ شِدَّةِ سَوَادِهِ " .