Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 20-20)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } ؛ أي بَاعوهُ أخوتهُ من مالكِ بن ذعْرٍ بعشرِينَ دِرهَماً ، فأصابَ كلٌّ منهم دِرهَمين فلم يأخُذْ يهُودَا نصيبَهُ ، وأخذهُ الباقون ، وقال الضحَّاكُ : ( بَاعُوهُ باثْنَي عَشَرَ دِرْهَماً ) . وقال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَى قَوْلِهِ { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أيْ بثَمَنٍ حَرَامٍ ؛ لأنَّهُ سَمَّى الْبَخْسَ حَرَاماً ، وَسَمَّى الْحَرَامَ بَخْساً ؛ لأنَّهُ لاَ بَرَكَةَ فِيْهِ ) . وقال الكلبيُّ : ( بَاعُوهُ باثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَماً ) . وقولهُ تعالى : { مَعْدُودَةٍ } أي قليلةٍ ، وذِكْرُ العددِ عبارةٌ عن القلَّة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } ؛ أي لم يكُن لَهم فيه رغبةٌ ولا في ردِّهِ على أبيهِ ، ولم يعلَمُوا منْزِلتَهُ من اللهِ تعالى ، يعني : أنَّ إخوةَ يوسُفَ كانوا في يوسف من الزَّاهدِين ؛ لأنَّهم لم يعرِفُوا كرامتَهُ على اللهِ تعالى . وَقِيْلَ : كانوا في يُمْنِهِ من الزَّاهدين أن عرضهم أن يُغَيِّبُوهُ عن أبيهِ ، وكتَمَ يوسفَ شأنه مخافةَ أن يقتلَهُ إخوتهُ ، و { وَشَرَوْهُ } أي باعوهُ ، قال الشاعرُ : @ وَشَرَيْتُ بُرْداً لَيْتَنِي مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَهْ @@ أي بعتُ بُرْداً وهو غلامهُ . ثم انطلقَ مالك بن ذُعْر وأصحابهُ بيُوسُفَ ومعهم إخوتهُ يقولون : استَوثِقُوا منه فإنه آبقٌ سارقٌ كاذب ، وقد بَرِئْنَا إليكم من عُيوبهِ . فحمله مالِكُ بن ذُعر على ناقتهِ وسارَ به نحو مِصْرَ ، وكان طريقُهم على قبرِ أُمهِ ، فلما بلغَ قبرَ أُمه أسقطَ نفسه من الناقةِ وهو يبكِي ويقولُ : يا أماهُ ارفَعِي رأسَكِ من الثَّرى ، وانظُرِي إلى ولدكِ يوسفَ وما لَقِيَ بعدَكِ من البلايَا ، يا أماهُ لو رأيتِي ضَعفِي ودُلِّي ، يا أماه لو رأيتِني ، نزَعُوا قميصي وشدُّونِي ، وفي الْجُب ألقونِي وعلى حرِّ وجهي لطَمُونِي ، وبالحجارةِ رجَمونِي . ثم فقدَهُ مالك بن ذُعر فصاحَ في القافلةِ : ألاَ إنَّ الغلامَ رجعَ إلى أهلهِ ، فطلبوهُ فوجدوه ، فقال له رجلٌ منهم : يا غلامُ قد أخبَرَنا مواليكَ أنكَ آبقٌ سارقٌ ، فلم نصدِّقْ حتى رأيناكَ ، فقال : واللهِ ما آبقْتُ ، ولكنَّكم مرَرتُم على قبرِ أُمِّي ، فلم أتَمالَكْ أن رميتُ نفسي عليه ، فرفعَ يده فلطَمَ وجهَهُ حتى حمله على ناقتهِ . وذهَبُوا به حتى قَدِمُوا مصرَ ، فأمرَهُ مالك بن ذُعر حتى اغتسلَ ولَبسَ ثَوْباً حَسَناً ، وعرضَهُ على البيعِ ، فاشتراهُ قطفيرُ بن رُوَيحِب لامرأته ، قال وهب : ( تَرَافَعَ النَّاسُ فِي ثَمَنِهِ وَتَزَايَدُواْ حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُهُ وَزْنَهُ مِسْكاً وَوَرِقاً ، فابتاعَهُ قطفيرُ بهذا الثمنِ وأتى به إلى منْزِله ) .