Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 19-19)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } ؛ أي جاءَت قافلةٌ من المسافرين بعد أن مكثَ يوسفُ عليه السلام في الْجُب ثلاثةَ أيَّام . يُروى أنَّهم جاءوا من قِبَلِ مَدْيَنَ يريدون مُعَرِّفاً خطرَ الطريقِ ، فتحيَّرُوا وجعلوا يَهِيمُونَ حتى وَقَعُوا في الأرضِ التي فيها الْجُبُّ ، فأَرسَلَ كلُّ قومٍ منهم وارِدَهم ، والوارِدُ الذي يُقَوِّمُ القومَ لطلبِ الماء ، فوافقَ الْجُبُّ مَالِكَ بْنَ ذعَرٍ وهو رجلٌ من العرب من أهل مَديَنَ ، { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } في البئرِ ، فتعلَّقَ بها يوسفُ ، فلم يَقدِرُوا على نَزْعِهِ ، فنَظَرُوا فرأوا غُلاماً قد تعلَّقَ بالدَّلْوِ ، فنادَى أصحابَهُ فَـ { قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ } ، قال : مَا ذاكَ يا مالِكُ ؟ قال : غلامٌ أحسنَ ما يكون من الغِلمَانِ . فاجتمَعُوا عليه وأخرَجوهُ . قال كعبٌ : ( كَانَ يُوسُفْ حَسَنَ الْوَجْهِ جَعِدَ الشَّعْرِ ضَخْمَ الْعَيْنِ مُسْتَوِيَ الْبَطْنِ صَغِيرَ السُّرَّةِ ، وَكَانَ إذا تَبَسَّمَ رَأيْتَ النُّورَ فِي ضَوَاحِكِهِ ، َلاَ يَسْتَطِيعُ أحَدٌ وَصْفَهُ ، وَكَانَ حُسْنَهُ كَضَوْءِ النَّارِ وَكَانَ يُشْبهُ آدَمَ يَوْمَ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى قَبْلَ أنْ يُصِيبَ الْمَعْصِيَةَ ) . ويقال : إنه وَرِثَ ذلك الجمالَ من جدَّتهِ سارة ، وكانت قد أُعطيت سُدُسَ الْحُسْنِ . وقولهُ تعالى : { قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ } من قرأ ( يَا بُشْرِي ) أي بياء الإضافة ، فهو خطابٌ للفرَحِ على القلب ، كما قالَ : يا فَرَحِي يا طُوبَايَ ويا أسَفِي . ومن قرأ بغيرِ ياء الإضافة فمعناهُ تبشيرُ الأصحاب ، كما يقالُ : يا عَجَبَا ويرادُ به يا أيُّها القومُ اعجَبُوا . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } ؛ أي أسَرَّ الذين وجَدُوا يوسُفَ من رُفَقَائِهم ومِن القافلة مخافةَ أن يَطلُبَ أحدٌ منهم الشِّركَةَ معهم في يوسف عليه السلام ، قولهُ : { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } نُصِبَ على المصدرِ ؛ أي قالوا في ما بينَهم : إنَّا نقولُ إن أهلَ الماءِ استَبضَعُوكَ بضاعةً ، ويجوزُ أن يكون { بضَاعَةً } نَصباً على الحالِ على معنى أنَّهم كَتَمُوهُ حين أعقَدُوا التجارةَ فيه . ويقال : إن قولَهُ { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } راجعٌ إلى إخوَةِ يوسف ، فإنه رُوي أنَّهم جَاؤُا بعدَ ثلاثةِ أيَّام فلم يجدُوا في البئرِ ، فنظَرُوا فإذا القومُ نُزُولٌ بقُرب البئرِ ، فإذا هم بيوسُفَ ، فقالوا لَهم : هذا عبدٌ آبقٌ منذُ ثلاثةِ أيام ، وقالوا لِيُوسُفَ : لئِنْ أنكرتَ أنَّكَ عبدٌ لنا فَلَنَقتُلَنَّكَ ، وقالوا للقومِ : اشتَرُوا مِنَّا فذلك معنى قولهِ { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } بأن طلَبُوا من يوسُفَ كتمانَ نسَبهِ ، إلا أنَّ القولَ الأوَّلَ أقربُ إلى ظاهرِ الآية . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } ؛ أي بيوسُفَ ، وهذا يجرِي مجرَى الوعيدِ .