Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 45-47)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } ؛ قالَ صاحبُ الشَّراب الذي نَجَا من السِّجنِ والقتل وتذكَّر بعد سِنين ، ويقالُ : هذا بعدَ انقراضِ أُمَّة ، والأُمَّة في اللغة هي المدَّة الكثيرةُ كما أنَّها في الجماعةِ الجماعةُ الكثيرة . ومَن قرأ ( بَعْدَ أُمَّةٍ ) فمعناهُ : بعدَ نسيانٍ . وقولهُ تعالى : { أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ } قولُ صاحب الشَّراب لَمَّا عجزَ الكهنةُ عن تأويلِ رُؤيا الملكِ ، جاءَ ووقفَ بين يديه فخاطبَهُ بلفظِ الجماعة كما يخاطَبُ الملكُ ، وقال : أنا أخبرُكم بتعبيرِ هذه الرُّؤيا ، فأَرسِلُون إلى السِّجن . ثم قالَ : إنَّما كنتُ عصَيتُ فحبَستَني أنا وخبَّازُكَ ، فرَأينا فيها رُؤْيا فقصَصْنَاها على رجُلٍ في السجنِ عالِمٍ صالح صادقٍ ، فأخبَرَنا بها فكان كما أخبرَ ، فأرسِلُون إليه . فأرسلوهُ فدخلَ السجنَ وقال : { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ } ؛ وحذفَ كلمةَ النداءِ اختصاراً ، والصِّدِّيقُ : الذي يَجرِي على عاداتهِ في الصِّدق والتصديق بالحقِّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ } ؛ خرَجْنَ من نَهر بيتٍ تبعَهُنَّ { يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ } ؛ بقراتٍ ، { عِجَافٌ } ؛ هالِكات من الهزالِ ، وفي { وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } ؛ التَوَينَ على الْخُضْرِ وغَلَبْنَ خُضرَتَهن . قولهُ تعالى : { لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } ؛ أي لإِنَّ أرجِعَ بتأويلِ ذلك إلى الملِك والناسُ يعلمونَهُ . فقال له يوسفُ : أما سبعُ بقراتٍ سِمَانٍ فهي سبعُ سنين خَصْبَةٍ ، وأما سبعُ بقرات عِجَافٍ فهي السُّنون السَّبع الْجَدْبَةِ ، وأما سبعُ سُنبلات يابساتٍ فهو القحطُ والغَلاءُ في السِّنين الجدبَة ، ثم عَلَّمَهُ يوسفُ عليه السلام كيف يصنَعون ، كما قَالَ اللهُ تَعَالَى : { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً } ؛ أي على ما هو عادتُكم في الزراعةِ ، وَقِيْلَ : معنى قوله { دَأَباً } بجِدٍّ واجتهادٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } ؛ أي فما حصَدتُم من الزَّرعِ ، فاتركوهُ في سُنبُلِهِ ولا تدرسوهُ ، { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } ؛ مِن ذلك في كلِّ سَنة ، وإنما أمَرَهم بهذا ؛ لأن الحنطةَ إذا كانت في سُنبلها كانت أبقَى منها اذا دُرسَتْ ، فإنَّها إذا دُرست تآكَلَت ، وفَسَدت بمُضِيِّ المدَّة عليها .