Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 6-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } ؛ أي مثلَ ما رأيتَ من سُجودِ الشمسِ والقمر والكواكب ، كذلكَ يصطَفِيكَ ربُّكَ ويختارُكَ ، { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } ؛ قِيْلَ : معناهُ : من تأويلِ الرُّؤيا لأنَّ فيه أحاديثَ الناسِ عن رُؤياهم . وَقِيْلَ : معناهُ : أفْهَمَكَ عواقبَ الأمُورِ والحوادث . ويقالُ : يعلِّمُكَ الشرائعَ التي لا تُعْلَمُ إلا من قِبَلِ اللهِ تعالى . قَوْلُ تَعَالَى : { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ } ؛ أي يُتِمُّ نِعمَتَهُ عليك بالنبوَّة كما أتَمَّ النعمةَ ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى : { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ } ؛ أي يُتِمَّ النعمةَ أيضاً على أولادِ يعقوبَ بكَ ؛ لأن ذلك يكون سرَّ حالِهم ؛ أي تكون النبوَّةُ فيهم ، { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ، في أفعالهِ . وفي بعض التفاسيرِ : أنَّ يعقوب عليه السلام كان خطبَ إلى خالهِ ابْنَتَهُ راحيلَ على أن يخدمَهُ سبعَ سنين فأجابَهُ ، فلما حلَّ الأجَلُ زوَّجَهُ ابنتَهُ الكبرى لاَيَا ، فقالَ يعقوبُ لخالهِ : لَمْ يكن هذا على شَرطِي ، قال : إنَّا لا نُنكِحُ الصغيرةَ قبلَ الكبيرةِ ، فهَلُمَّ فَآخُذْ منِّي سبعَ سنين أُخرى وأزَوِّجُكَ راحيلَ ، وكانوا يجمعون بين الأُختين ، فرعَى يعقوبُ سبعَ سنين أُخرى وزوَّجه راحيل ، ودفعَ لكلِّ واحدةٍ من ابنتيه أمَةً تخدمها فوهبتاهما ليعقوبَ عليه السلام فولَدت لاَيَا أربعةَ بَنين : روبيل وسَمعون ويهودَا ولاَوِي ، ووَلَدت راحيل : يوسُفَ وبنيامين ، وولدت الأَمَيَانِ : بنيامين وهابيل ودان ويسائيل وجادوان وآشير . فجملة بَنيهِ اثنا عشرَ ولداً سِوَى البنتينِ . فإن قالَ قائلٌ : إنْ كان يعقوبُ عَلِمَ أنَّ الله يجتبي يوسُفَ ويعَلِّمهُ مِن تأويلِ الأحاديث ، فلِمَ إذاً قال : { لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ } [ يوسف : 5 ] ؟ وكيفَ قالَ لَهم : { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ } [ يوسف : 13 ] مع علمهِ أنَّ الله سيبعثهُ رَسُولاً ؟ والجوابُ : أنه عليه السلام كان عَالِماً من طريقِ القطعِ أنَّ الله سيُبلِغُهُ هذه المنْزِلة ، ولكن كان مع ذلك يخافُ من وصُولِ الْمَضَارِّ إليه بكَيدِهم ، وإنْ لم يخَفِ الهلاكَ . وأرادَ بقولهِ : { أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ } [ يوسف : 13 ] الزجرَ لهم عن التَّهاوُنِ في حفظهِ ، وإنْ كان يعلمُ أن الذئبَ لا يَصِلُ إليه ، ولذلك لَمْ يصَدِّقهم في قولِهم : { فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ } [ يوسف : 17 ] ، بل حاجَّهم بما يظهرُ به كَذِبُهم . وَقِيْلَ : أرادَ بقوله { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } التخلُّصَ من السِّجنِ ، كما خَلَّصَ اللهُ إبراهيمَ عليه السلام من النار ، وإسحاقَ من الذبحِِ .