Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 13-13)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } ؛ أي ألزمناهُ عمَلهُ من خيرٍ أو شرٍّ في عنُقهِ ، فجعلنا جزاءَ عملهِ لازماً له ، كما يقالُ : هذا الحقُّ في عُنقِ فلان وفي ذمَّتهِ ، قال مجاهدُ : ( مَكْتُوبٌ فِي وَرَقَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي عُنُقِهِ شَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ ) روىَ الحكمُ عن مجاهدٍ : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلاَّ وَفِي عُنُقِهِ مَكْتُوبٌ شَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ ) . وفي الآية تشبيهُ العملِ بالطائرِ الذي يجيءُ من ناحية اليمينِ فيُتبَرَّك بهِ ، والذي يجيءُ من ذاتِ الشِّمال فيُتشاءَمُ به ، وأما الإضافةُ إلى العُنقِ دون سائرِ الأعضاء ؛ فلأنَّ ما يتزيَّن به من طَوقٍ أو ما يشين من غِلٍّ فإنما يضافُ إلى الأعناقِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } ؛ أي يرفعُ الله يوم القيامةِ كتابَهُ يرَى فيه جزاءَ أعمالهِ ، قرأ الحسنُ ومجاهد : ( وَنُخْرَجُ ) على ما لَم يسَمَّ فاعلهُ ، على معنى : ونخرجُ له الطائرَ كتاباً . وانتصبَ قولهُ ( كِتَاباً ) على الحالِ . وقرأ أبو جعفرٍ : ( وَيُخْرِجُ ) بالياء مسمَّى الفاعل ؛ أي ويَخرُجُ له الطائرُ يومَ القيامةِ . وقرأ يحيى بن وثَّاب ( وَيُخْرِجُ ) بضمِّ الياء وكسر الراء ، المعنى : ويخرِجُ اللهُ له كتاباً ، وقرأ الحسنُ ومجاهد : ( ألْزَمْنَاهُ طَيْرَهُ ) بغيرِ ألف ، وقال أهلُ المعاني : أرادَ بالطائرِ ما قضَى عليهِ أنه فاعلهُ ، وما هو صائرٌ إليه من شقاوةٍ أو سعادة . قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يُلَقَّاهُ مَنشُوراً ) قرأ أبو جعفر بضمِّ الياء وفتحِ اللام وتشديدِ القاف ، يعني يَلقى الإنسانُ ذلك الكتابَ الذي يؤتى ، وقرأ الباقون بالتخفيفِ ؛ أي يراهُ مَنشورةً فيه حسناتهُ وسيئاته . قال ابنُ عباس ( يُعْطَى الْمُؤْمِنُ كِتَاباً بيَمِينِهِ وَهِيَ صَحِيفَتُهُ ، يَقْرَأ فِيْهَا حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ فِي بَطْنِهَا : عَمِلْتَ كَذا ، وَقُلْتَ كَذا فِي سَنَةِ كَذا ، فِي شَهْرِ كَذا ، فِي يَوْمِ كَذا ، فِي سَاعَةِ كَذا ، فِي مَكَانِ كَذا . فَإذا انْتَهَىَ إلَى أسْفَلِهَا قِيْلَ لَهُ : قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ ، إقْرَأ مَا فِي ظَاهِرِهَا ، فَيْقْرَأ حَسَنَاتِهِ فَيَسُرُّهُ مَا يَرَى فِيْهَا ، وَيُشْرِقُ لَوْنُهُ عِنْدَ ذلِكَ { فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } [ الحاقة : 19 - 20 ] ) . قال : ( وَيُعْطَى الْكَافِرُ كِتَابَهُ بشِمَالِهِ ، فَيَقْرَأُ حَسَنَاتِهِ فِي بَاطِنِهَا ، فَيَجِدُ عَمِلْتَ كَذا فِي سَنَةِ كَذا ، فِي شَهْرِ كَذا ، فِي يَوْمِ كَذا ، فِي سَاعَةِ كَذا . فَإذا انْتَهَى إلَى آخِرِهَا قِيلَ لَهُ : هَذِهِ حَسَنَاتُكَ قَدْ رُدَّتْ عَلَيْكَ ، إقْرَأْ مَا فِي ظَاهِرِ كِتَابكَ ، فَيَرَى مَا فِي ظَاهِرِ كِتَابِهِ كُلَّ سَيِّئَاتِهِ ، كُلَّ صَغِيرَةٍ وَكَبيرَةٍ ، فَيَسْوَدُّ وَجْهُهُ وَتَزْرَقُ عَيْنَاهُ ، وَيَقُولُ عِنْدَ ذلِكَ { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } [ الحاقة : 25 - 26 ] ) .