Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 6-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } ؛ أي جعَلنا لكم الدولةَ والرجعةَ عليهم ، { وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } ؛ أي وأعطيناكم أمْوَالاً وبنينَ ، { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } ؛ أي أكثرَ عَدَداً ينفِرُون إليهم . وذلك أنَّ رجُلاً من أهلِ الكتاب يقالُ له : كُورشُ غزَا أرضَ بابل ، وهي بلادُ بَخِتْنَصَّر ، فظهرَ عليهم فقتلَهم وسكنَ ديارَهم ، وتزوَّجَ امرأةً مِن بني إسرائيلَ أُخْتُ مَلكِ بني إسرائيلَ ، فطلَبت من زوجِها أن يَرُدَّ قومَها إلى أرضِهم ففعلَ ، فمكثَ في بيتِ المقدس مِائتين وعشرين سنةً ، وقامت بينهم الأنبياءُ ، ورجَعُوا الى أحسنَ ما كانوا عليهِ ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } . وعن حذيفةَ بن اليمانِ قالَ : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذهِ الآية : " إنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمَّا اعْتَدَواْ وَقَتَلُواْ الأَنْبيَاءَ ، بَعَثَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَلِكَ الرُّومِ بَخِتْنَصَّرَ ، فَسَارَ إلَيْهِمْ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَحَاصَرَهُمْ وَفَتَحَهَا ، فَقَتلَ عَلَى دَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أرْبَعِينَ ألْفاً - وَقِيْلَ : سَبْعِينَ ألْفاً - وَسَبَى أهْلَهَا ، وَسَلَبَ حُلِيَّ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ ابْنُ دَاوُدَ قَدْ بَنَاهُ مِنْ ذهَبٍ وَيَاقُوتٍ وَزُبُرْجُدٍ ، وَعَمُودُهُ ذهَبٌ ، أعْطَاهُ اللهُ ذلِكَ وَسَخَّرَ الشَّيَاطِينَ لَهُ يَأْتُونَهُ بهَذِهِ الأَشْيَاءِ . ثُمَّ سَارَ بَخِتْنَصَّرَ بالأُسَارَى حَتَّى نَزَلَ بَابلَ فَأَقَامَ بَنُو إسْرَائِيلَ فِي مُدَّتِهِ سَنَةً تَتَعَبَّدُ الْمَجُوسَ وَأبْنَاءَ الْمَجُوسِ ، ثُمَّ إنَّ اللهَ تَعَالَى رَحِمَهُمْ فَسَلَطَ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ فَارسَ يُقَالُ لَهُ كُورشُ وَكَانَ مُؤْمِناً ، فَسَارَ إلَيْهِمْ فَاسْتَنْقَذ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْهُمْ ، وَاسْتَنْقَذ حُلِيَّ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى رَدَّهُ إلَيْهِ ، فَأَقَامَ بَنُو إسْرَائِيلَ مُطِيعِينَ اللهَ زَمَاناً ، ثُمَّ عَادُوا إلَى الْمَعَاصِي ، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَلِكاً آخَرَ وَحَرَقَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَسَبَاهُمْ " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } [ الإسراء : 5 ] يعني أُولى الْمَرَّتَين ، واختلَفُوا فيها ، فعلى قولِ قتادة : ( إفْسَادُهُمْ فِي الْمَرَّةِ الأُوْلَى مَا تَرَكُواْ مِنْ أحْكَامِ التَّوْرَاةِ ، وَعَصَوا رَبَّهُمْ وَلَمْ يَحْفَظُوا أمْرَ نَبيِّهِمْ مُوسَى ، وَرَكِبُواْ الْمَحَارمَ ) . وعن ابنِ مسعود رضي الله عنه ( أنَّ الْفَسَادَ الأَوَّلَ قَتْلُ زَكَرِيَّا ) ، وَقِيْلَ : قَتْلُهُمْ شَعْيَا نَبيُّ اللهِ فِي الشَّجَرَةِ ، قال ابنُ اسحاق : ( إنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أخْبَرَهُ أنَّ زَكَرِيَّا مَاتَ مَوْتاً وَلَمْ يُقْتَلْ ، وَإنَّمَا الْمَقْتُولُ شَعْيَا ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ } [ الإسراء : 5 ] يعني جَالُوتَ وجنودَهُ ، وقال ابنُ اسحاق : ( بَخِتْنَصَّرَ الْبَابليُّ وَأصْحَابُهُ ، أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ؛ أيْ ذوِي بَطْشٍ شَدِيدٍ فِي الْحَرْب ، فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَار ؛ أيْ طَافُوا وَدَارُواْ ) . وقال الفرَّاء : قتلوكم بين بيوتكم ، قال حَسَّانُ : @ وَمِنَّا الَّذِي لاَقَى بسَيْفِ مُحَمَّدٍ فَجَاسَ بهِ الأَعْدَاءَ عَرْضَ الْعَسَاكِرِ @@ وَقِيْلَ : ( فَجَاسُواْ ) أي طلَبُوا مَن فيها كما تُجَاسُ الأخبارُ . وقولهُ تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } [ الإسراء : 7 ] أي المرَّة الآخرة ، وهو قصدُهم قتلَ عيسى حين رُفِعَ ، وقتلُهم يحيى بن زكريَّا عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ ، فسلَّطَ الله عليهم طَطُوسُ بن استِيباتيُوس فَارسَ وَالرُّومَ حِينَ قَتَلُوهُمْ وسَبَوهم ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } [ الإسراء : 7 ] .