Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 16-18)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً } ؛ أي اذْكُرْ يا مُحَمَّدُ في القُرْآنِ خَبَرَ مريَمَ ؛ لتعتبرَ الناسُ بدِينها وصلاحِها ، والمعنى اذْكُرْ خبَرَها لأهلِ مكَّة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذِ ٱنتَبَذَتْ } أي تَنَحَّتْ من أهلِها ، وتفرَّدت مِمَّن كانوا معَها في الدارِ إلى مكانٍ في جانب الشَّرق ، جلست فيهِ ؛ لأنَّها كانت في الشِّتاء ، فجلست في مَشْرَقَةِ الشمسِ . وقال عكرمةُ : ( أرَادَتِ الْغُسْلَ مِنَ الْحَيْضِ ، فَتَحَوَّلَتْ إلَى مَشْرَقَةِ دَارِهِمْ لِلْغُسْلِ ) { فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً } ؛ أي مِن دون أهلِها سِتْراً لئلاَّ يرَوها ، فَـ ؛ بينما هي في مشرقة الدار تغتسلُ من الحيضِ ، { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } ، أي دخلَ عليها جبريل عليه السلام بعد ما فرغت من الاغتسالِ في صورة شابٍّ أمردَ حسنِ الوجه جَعْدَ الشعرِ ، وذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } ؛ وإنَّما أرسلَ اللهُ جبريلَ في صورة البشرِ ؛ لتثبت مريَمَ وتقدرَ على استماعِ كلامه . قال ابنُ عبَّاس : ( فَلَمَّا رَأتْ مَرْيَمُ جِبْرِيلَ تَقَصَّدَ نَحْوَهَا نَادَتْهُ مِنْ بَعِيْدٍ ) ، { قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } ؛ أي إنْ كنتَ تقيّاً مُخلصاً مطيعاً ، فستنتهي لتعوذِي بالله منكَ ، وَقِيْلَ : إنَّ تقيّاً كان رجُلاً من أمثلِ الناسِ في ذلك الزمان ، فقالت : إن كنتَ في الصلاحِ مثل التقيِّ ، فإنِّي أعوذُ بالرَّحمنِ منكَ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } أي جبريلَ عليه السلام ، خُصَّ بالإضافةِ إلى اللهِ تعالى تشريفاً له ، وسُمِّي روحاً ؛ لأن الناسَ يَحْيَوْنَ بما جاء في أديانِهم ، كما يحيون بأرواحِ أبدانِهم .