Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 115-115)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } ؛ قيل : معناه لا يَمنعكم تخريبُ من خرَّب مساجد الله أن تذكروهُ حيث كنتم من أرضه . وقال ابن عباس : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي سَفَرٍ قَبْلَ تَحْوِيْلِ الْقِبْلَةِ إلَى الْكَعْبَةِ ، فَأَصَابَهُمُ الضَّبَابُ ، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَتَحَرَّوا الْقِبْلَةَ فَصَلُّوا ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ صَلَّى قِبَلَ الْمَشْرِقِ ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ صَلَّى قِبَلَ الْمَغْرِب . فَلَمَّا ذَهَبَ الضَّبَابُ اسْتَنَارَ لَهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُصِيْبُوا ، فَلَمَّا قَدِمُواْ ؛ سَأَلُواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ) . وقال عبدُالله بن عامر : [ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةٍ ؛ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الأَحْجَارَ فَيَعْمَلُ مَسْجِداً فَيُصَلِّي فِيْهِ ، فَلَمَّا أصْبَحْنَا إذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . وقال عبدُالله بن عمرَ : نَزَلَتْ فِي صَلاَةِ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بهِ رَاحِلَتُهُ تَطَوُّعاً ؛ " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ أيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بهِ " وقال عكرمةُ : ( نَزَلَتْ فِي تَحْوِيْلِ الْقِبْلَةِ إلَى الْكَعْبَةِ لَمَّا صَلَّى إلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَمَا كَانَتْ قِبْلَتُهُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، قَالَتِ الْيَهُودُ : يُصَلُّونَ مَرَّةً هَكَذَا ، وَمَرَّةً يُصَلُّونَ هَكَذَا ! فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . فإنْ قِيْلَ : لِمَ قال : { ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } على التوحيد وله المشارق والمغارب ؟ قيل : لأنه أخرجهُ مخرجَ الجنس كما يقال : أهلَكَ اللهُ الدينارَ والدرهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } ؛ أي رضَى اللهِ كقوله تعالى : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } [ الإنسان : 9 ] أي لرضَاه . وقيل : معناه { فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } أي عِلْمُهُ محيطٌ بهم . وقيل : معناه : فأينما تُوَلُّوا وجوهَكم أيها المؤمنون في سفرِكم وحضَرِكم فثمَّ قِبْلَةُ اللهِ التي وجَّهتكم إليها فاستقبلُوها ؛ يعني الكعبةَ . وقال الكلبيُّ : ( مَعْنَاهُ : فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ تَعَالَى يَرَى وَيَعْلَمُ ) . والوجهُ صلةٌ كقوله : { تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ } [ الروم : 39 ] أي تريدونه بالدعاء . وقوله : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] أي إلا هُو . وقوله : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } [ الرحمن : 27 ] أي يبقى ربُّكَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ؛ قال الكلبيُّ : ( يَعْنِي : وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) . وقال أبو عُبيدة : ( الْوَاسِعُ : الْغَنِيُّ ) . يقال : فلان يُعْطِي مِن سَعتهِ ؛ أي من غِنَاهُ . وقال الفرَّاء : ( الْوَاسِعُ : الْجَوَادُ الَّذِي يَسَعُ عَطَاؤُهُ كُلَّ شَيْءٍ ) . وقيل : الواسعُ : الرحيمُ ؛ دليله { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [ الأعراف : 156 ] . وقيل : الواسع : العالِم الذي يسعُ علمه كل شيء . وقال الله تعالى : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [ البقرة : 255 ] . وقوله { عَلِيمٌ } أي عالِم بنيَّاتِهم حيثما صَلَّوا ودَعَوا .