Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 126-126)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً } ؛ يعني مكَّة والحرمَ آمِناً من الْجَدْب وَالْقَحْطِ ، وقيل : من الحرب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ؛ لا يكونُ إلا ويوجد فيه أنواعُ الثمراتِ ، فأحبَّ إبراهيمُ أن لا يأكلَ طعامَ الله إلا الْمُوَحِّدُونَ ؛ فَأَعْلَمَهُ اللهُ أنْ لا يخلُق خَلْقاً إلا يرزقَه ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً } ؛ أي سأرزقهُ في الدنيا يسيراً . قيل : خَشِيَ إبراهيمُ أن لا يستجابَ له في الرزقِ كما لم يستجبْ له في الإمامة ؛ فخضَّ المؤمنين في المسألةِ في الرزق ، فأعلمَهُ اللهُ أنَّ المؤمنَ والكافرَ في الرزقِ سواءٌ . قَوْلَهُ تَعَالَى : { مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } في موضع نَصْبٍ بدلٌ من { أَهْلَهُ } بدلُ بعضٍ من كلٍّ كقولهِ تعالى : { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [ آل عمران : 97 ] . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً } ؛ أي فسأرزقهُ إلى منتهى أجلهِ . قرأ ابنُ عامر : ( فَأَمْتِعْهُ ) بفتحِ الألف وجزمِ العين ، ( ثُمَّ أضْطَرَّهُ ) موصولةُ الألف مفتوحةُ الراءِ على جهة الدُّعاء من إبراهيمَ عليه السلام ، وقرأ الباقون بالتشديد . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ } ؛ أي ألْجِئُهُ إلى عذاب النار في الآخرة ، { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } ؛ أي بئْسَ المرجعِ يصيرُ إليه . واختلفوا في مكَّةَ : هل كانت حَرَماً آمِناً قبلَ دعاء إبراهيم ؛ أم صارت كذلك بدعائهِ ؟ قِيْلَ : إنَّمَا صارَتْ كذلك بدعائهِ ، بدليلِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ : " إنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِيْنَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيْمُ مَكَّةَ " والأصحُّ : أنَّها كانت حَرَماً آمِناً قبل دعائهِ بدليلِ قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ : " إنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَوَضَعَهَا بَيْنَ أَخْشَبَيْنِ " أي جبلينِ ؛ فعلى هذا كانت أمْناً قبلَ دعائه من الخسفِ والاصْطِلاَمِ لأهلهِ . وكان اللهُ قد جعلَ في قلوب الناس هيبةَ ذلك المكان حتى كانوا لا ينتهكونَ حُرْمَةَ مَن كان فيه بمال ولا بنفسٍ ، ثم بدعاءِ إبراهيم صارت حَرَماً آمِناً بأنْ أمرَ اللهُ الناسَ بتعظيمهِ على ألْسِنَةِ الرُّسُلِ . والواوُ في قولهِ { وَمَن كَفَرَ } دليلٌ على إجابةِ الله دعوةَ إبراهيمَ خاصةً .