Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 129-129)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } ؛ أي وابعث في ذرِّيتنا الأمَّةَ المسلمةَ ؛ أي ذريَّة إبراهيمَ وإسماعيل من أهلِ مكَّة ، { رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي من أهل نَسَبهِمْ ، { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ } ؛ أي يقرأُ عليهم كتابَكَ ، { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ } ؛ الذي ينْزلُ عليه ومعانيه ، { وَٱلْحِكْمَةَ } ؛ أي فِقْهَ الحلالِ والحرام . وقال مجاهدُ : ( فَهْمُ الْقُرْآنِ ) . وقال مقاتلُ : ( هِيَ مَوَاعِظُ الْقُرْآنِ وَبَيَانُ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ ) . وقال ابنُ قتيبةَ : ( هِيَ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ ، وَلاَ يُسَمَّى الرَّجُلُ حَكِيْماً حَتَّى يَجْمَعَهُمَا ) . وقال بعضُهم : كلُّ حكمةٍ وَعَظَتْكَ أو زَجَرَتْكَ أو دَعَتْكَ إلى مَكْرَمَةٍ أو نَهَتْكَ عن قبيحٍ فهي حِكْمَةٌ ؛ وقيل : الحكمةُ وضعُ الأشياءِ في مواضِعها . وقيل : هي السُّنَّةُ البَيِّنَةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُزَكِّيهِمْ } ؛ أي يطهِّرهم من الكفرِ والفواحش والدَّنَسِ والذنوب . وقيل : يصلِحُهم بأخذِ زكاةِ أموالِهم . وقال ابنُ كيسان : ( أنْ يَشْهَدَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بالْعَدَالَةِ إذَا شَهِدُواْ لِلأَنْبِيَاءِ بالْبَلاَغِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } ؛ الْعَزِيْزُ : هُوَ الْمَنِيْعُ الذي لا يغلِبُه شيءٌ . وَالْحَكِيْمُ : الذي يَحْكُمُ ما يريدُ . وقال ابنُ عباس : ( الْعَزِيْزُ : الَّذِي لاَ يُوجَدُ مِثْلُهُ ) دليلهُ قوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] . وقال الكلبيُّ : ( الْعَزِيْزُ : الْمُنْتَقِمُ مِمَّنْ أسَاءَ ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } [ آل عمران : 4 ] . وقال الكسائيُّ : ( الْعَزِيْزُ : الْغَالِبُ ) دليلهُ قوله : { وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } [ ص : 23 ] أي غَلَبي . وقال ابنُ كيسان : ( الْعَزِيْزُ : الَّذِي لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ) . وقال المفضَّلُ : ( الْعَزِيْزُ : الْمُمْتَنِعُ الَّذِي لاَ تَنَالُهُ الأَيْدِي ؛ وَلاَ يُرَدُّ لَهُ أمْرٌ ؛ وَلاَ غَالِبَ لَهُ فِيْمَا أرَادَ ) . وقيل : العزيزُ : هو القويُّ ذو القدرة ؛ دليلهُ قوله : { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } [ يس : 14 ] أي قَوَّيْنَا . وأصلُ العِزَّةِ في اللغةِ : الشِّدَّةُ ؛ يُقَالُ : عَزَّ عَلَيَّ كَذَا ؛ إذا شَقَّ . والمرادُ بالرسولِ في هذه الآية مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . وبالكتاب القرآنُ . روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " أنَا إنَّمَا دَعْوَةُ أبي إبْرَاهِيْمَ ، وَبُشْرَى أخِي عِيْسَى " يعني قَوْلُهُ تَعَالَى : { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } وقوله : { وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } [ الصف : 6 ] فاستجاب الله دعاء إبراهيم عليه السلام وبعثَ فيهم مُحَمَّداً سيِّدَ الأنبياءِ ؛ لذلك قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إنِّي عَبْدُ اللهِ وَخَاتَمُ النَّبيِّيْنَ وَإنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِيْنَتِهِ " .