Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 152-152)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } ؛ متصلٌ بما قبله ؛ أي كما أنعمنا عليكم برسالة رجلٍ ؛ أي منكم إليكم فاذكرونِي . ومعنى الآية : قال ابنُ عبَّاس : ( تَذْكُرُونِي بالطَّاعَةِ أذْكُرْكُمْ بمَعُونَتِي ) . وقال ابن جُبير : ( مَعْنَاهُ اذْكُرُونِي بطَاعَتِكُمْ أذْكُرُكُمْ بمَغْفِرَتِي ) . وقال الفضيلُ : ( اذْكُرُونِي بطَاعَتِي أذْكُرْكُمْ بثَوَابي ) . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَنْ أطَاعَ اللهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللهَ ، وَإنْ قَلَّ صِيَامُهُ وَصَلاَتُهُ . وَمَنْ عَصَى اللهَ فَقَدْ نَسِيَ اللهَ وَإنْ كَثُرَ صِيَامُهُ وَصَلاَتُهُ وَتِلاَوَتُهُ الْقُرْآنَ " وقيل : معناه اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات والجِنان . وقال أبو بكر رضي الله عنه : ( كَفَى بالتَّوْحِيْدِ عِبَادَةً ، وَكَفَى بالْجَنَّةِ ثَوَاباً ) . وقال ابنُ كيسان : ( مَعْنَاهُ اذْكُرُونِي بالشُّكْرِ أذْكُرُكُمْ بالزِّيَادَةِ ) . وقيل : اذكروني على ظاهر الأرض أذكركم في بطنها . وقال الأصمعي : ( رأيت أعرابياً واقفاً يوم عرفة بعرفات وهو يقول : إلَهي عَجَّتْ إِلَيْكَ الأَصْوَاتُ بضُرُوب اللُّغَاتِ يَسْأَلُونَكَ الْحَاجَاتِ ، وَحَاجَتِي إلَيْكَ أنْ تَذْكُرَنِي عِنْدَ الْبَلاَءِ إذا نَسِيَنِي أهْلُ الدُّنْيَا ) . وقيل : معناهُ : اذكروني في الدنيا أذكركم في العقبى . وقيل : اذكروني بالطاعات أذكركم بالمعافاة ، دليله قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [ النحل : 97 ] . وقيل : معناه اذكروني في الخلاء والملأ أذكركم في الخلاء والملأ . بيانه : ما روي في الخبر : أن الله تعالى قال في بعض الكتب : " أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي ، فَلْيَظُنَّ بي عَبْدِي مَا شَاءَ ؛ فَأَنَا مَعَهُ إذَا ذَكَرَنِي ، فَمَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَمَنْ ذَْكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ؛ وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ بَاعاً ، وَمَنْ أتَانِي مَشْياً أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ أَتَانِي بقِرَابِ الأَرْضِ خَطِيْئَةً أتَيْتُهُ بمِثْلِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أنْ لاَ يُشْرِكَ بي شَيْئاً " . وقيل : معناه اذكروني في الرخاء أذكركم في الشدة والبلاء . وقيل : اذكروني بالسلم والتفويض أذكركم بأصلح الاختيار دليله قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ الطلاق : 3 ] . وقيل : اذكروني بالشوق والمحبة أذكركم بالوصل والقربة . وقيل : اذكروني بالتوبة أذكركم بغفران الحوبة . وقيل : اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء . وقيل : اذكروني بالسؤال أذكركم بالنوال . اذكروني بلا غفلة أذكركم بلا مهلة ، اذكروني بالندم أذكركم بالكرم ، اذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة ، اذكروني بالإرادة أذكركم بالإفادة ، اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص ، اذكروني بالقلوب أذكركم بكشف الكروب ، اذكروني بلا نسيان أذكركم بالأمان ، اذكروني ذكراً فانياً أذكركم ذكراً باقياً ، اذكروني بصفاء السرِّ أذكركم بخلاص البرِّ ، اذكروني بالصفو أذكركم بالعفو ، اذكروني بالتعظيم أذكركم بالتكريم ، اذكروني بالمناجاة أذكركم بالنجاة ، اذكروني بترك الجفاء أذكركم بحفظ الوفاء ، اذكروني بالجهد في الخدمة أذكركم بإتمام النعمة ، اذكروني بالاستغفار أذكركم بالاغتفار ، اذكروني بالمناجاة أذكركم بإعطاء الحاجات ، اذكروني بالاعتراف أذكركم بمحو الاقتراف ، ولذكر الله أكبر . قال سفيان بن عُيَيْنَةَ : إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَال : " لَقدْ أعْطَيْتُ عِبَادِي مَا لَوْ أعْطَيْتُ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ قَدْ أجْزَلْتُ لَهُمَا ، قُلْتُ : اذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ . قُلْتُ لِمُوسَى : قُلْ لِلظَّلَمَةِ لاَ يَذْكُرُونِي ؛ فَإنِّي أذْكُرُ مَنْ ذَكَرَنِي وَإنَّ ذِكْرِي إيَّاهُمْ أنْ ألْعَنَهُمْ " وقال أبو عثمان الهندي : ( إنِّي لأَعْلَمُ حِيْنَ يَذْكُرُنِي رَبِي ) ، قِيْلَ : كَيْفَ ذلِكَ ؟ قَالَ : ( إنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } فَإذا ذكَرْتُ اللهَ ذَكَرَنِي ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } ؛ أي اشكروا لي نعم الدنيا والدين ولا تكفروا نعمتي وإحساني إليكم .