Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 155-156)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ } ؛ أي ولَنَخْتَبرَنَّكُمْ يا أُمةَ مُحَمَّدٍ بشيء من الخوف ؛ يعني خوفَ العدوِّ والفزع في القتال ؛ وقحط السنين وقلة ذات اليد ؛ { وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ } ؛ أي هلاك المواشي وذهاب الأموال . وقوله تعالى : { وَٱلأَنفُسِ } ؛ أراد به الموت والقتل والأمراض ، وقولهُ تعالى : { وَٱلثَّمَرَاتِ } ؛ أي لا يخرجُ الثمار والزروع كما كانت تخرج من قبل ؛ أو تصيبها آفة ؛ وأراد بالثمراتِ الأولادَ لأنَّهم ثمرة القلب وهم إذا هم شُغِلُوا بالجهاد منعهم ذلك عن عمارة البساتين ومناكحةِ النساء ؛ فيقلُّ أولادهم وثمرة بساتينهم . وقالَ بعضُهم : معناه { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ } أي خوف الله تعالى ، { وَٱلْجُوعِ } يعني صوم رمضان ؛ { وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ } أداء الزكاة الصدقات ؛ { وَٱلأَنفُسِ } الأمراض ؛ { وَٱلثَّمَرَاتِ } موت الأولاد ؛ لأن ولد الرجل ثمرة فؤاده ؛ يدل عليه قوله عَلَيْهِ السَّلاَمُ : " إذا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِلْمَلاَئِكَةِ : أقَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فِيَقُولُ : أقَبَضْتُمُ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ، فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيَقُولُ : مَاذا قَالَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : حَمَدَكَ وَاسْتَرْجَعَكَ ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } ؛ أي على هذه الشدائدِ والبلايا بالثواب لتطيبَ أنفسهم . ثم وصفَهم فقال : { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } ؛ { ٱلَّذِينَ } نعتُ للصابرين ؛ ومعناهُ : الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ من هذه المصائب ؛ { قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } عبيدٌ وملكٌ يحكمُ فينا بما يشاء من الشدة والرخاء ، إن عِشنا فإليه أرزاقُنا ، وإن مِتْنا فإليه مردُّنا ، وإنا إليه راجعون في الآخرة . قال عكرمةُ : " طُفِئ سِرَاجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقَال : " إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ " فَقِيْلَ : يَا رَسُولَ اللهِ أمُصِيْبَةٌ هِيَ ، قَالَ : " نَعَمْ ، كُلُّ شَيْءٍ يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ فَهُوَ لَهُ مُصِيْبَةٌ " " وقال ابنُ جبيرٍ : ( مَا أُعْطِيَ أحَدٌ فِي الْمُصِِيْبَةِ مَا أُعْطِيَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ - يعني الاستراجاعَ - وَلَوْ أُعْطِيَهَا أحَدٌ لأُعْطِيَهَا يَعْقُوبُ عليه السلام ، ألاَ تَسْمَعُ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي فَقْدِ يُوسُفَ : { يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } [ يوسف : 84 ] ) . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيْبَةِ جَبَرَ اللهُ مُصِيْبَتَهُ وَأحْسَنَ عُقْبَاهُ ، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفاً صَالِحاً يَرْضَا " .