Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 183-183)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } ؛ قال الحسنُ : ( إذا سَمِعْتَ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فَارْعِ لَهَا سَمْعَكَ ، فَإنَّهَا لأَمْرٌ تُؤْمَرُ بهِ وَلَنْهْيٌ تُنْهَى عَنْهُ ) . وقال جعفرُ الصَّادق : ( لَذّةُ مَا فِي النِّدَاءِ إزَالَةُ تَعَب الْعِبَادَةِ وَالْعَنَاءِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } أي فُرِضَ عليكم الصيامُ ، { كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } ، كما فُرِضَ على الذين من قبلِكم من الأنبياءِ والأُمم ، أوَّلُهم آدَمُ عليه السلام . وهو ما روي عن علي كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أنه قال : " أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَار ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ ثُمَّ قَالَ : " يَا عَلِيُّ ، هَذَا جِبْرِيْلُ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ " قُلْتُ : وَعَليْهِ السَّلاَمُ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : " يَا عَلِيُّ ، يَقُولُ لَكَ جِبْرِيْلُ : صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ ؛ يُكْتَبُ لَكَ بأَوَّلِ يَوْمٍ عَشْرَةُ آلافِ حَسَنَةً ، وَبالْيَوْمِ الثَّانِي ثَلاَثُونَ ألْفَ حَسَنَةً ، وَبالْيَوْمِ الثَّالِثِ مِائَةُ ألْفِ حَسَنَةٍ " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ثَوَابٌ لِي خَاصَّةً أمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً ؟ فَقَالَ : " يَا عَلِيُّ ، يُعْطِيْكَ اللهُ هَذَا الثَّوَابَ وَلِمَنْ يَعْمَلْ مِثْلَ عَمَلِكَ بَعْدَكَ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : " أيَّامُ الْبيْضِ ؛ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَأرْبَعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ " " . قال عَنتَرَةُ : قلتُ لعليٍّ رضي الله عنه : لأيِّ شيءٍ سُميت هذه الأيامُ البيضَ ؟ قال : [ لَمَّا أهْبَطَ اللهُ آدَمَ عليه السلام مِنَ الْجَنَّةِ أحْرَقَتْهُ الشَّمْسُ ، فَاسْوَدَّ جَسَدُهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيْلُ عليه السلام ، فَقَالَ : يَا آدَمُ أتُحِبُّ أنْ تُبَيِّضَ جَسَدَكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَأرْبَعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ . فَصَامَ آدَمُ عليه السلام أوَّلَ يَوْمٍ فَابْيَضَّ ثُلُثُ جَسَدِهِ ، وَصَامَ الْيَوْمَ الثَّانِي فَابْيَضَّ ثُلُثَاهُ ، وَصَامَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَابْيَضَّ كُلُّ جَسَدِهِ ، فَسُمِّيَتْ أيَّامَ الْبيْضِ ] . قالَ المفسِّرون : فرضَ اللهُ تعالى على رسولهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين صيامَ يومِ عاشُوراء وصومَ ثلاثِةِ أيَّام من كلِّ شهرٍ حين قَدِمَ المدينةَ ، فكانوا يصُومون إلى أن نزلَ صومُ شهرِ رَمضان قبل قِتَالِ بدرٍ بشَهرٍ وأيَّام . وقال الحسنُ : ( أرَادَ بالَّذِي مِنْ قَبْلِنَا النَّصَارَى ، فَشَبَّهَ صِيَامَنَا بِصِيَامِهِمْ لاتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَقْتِ وَالْقَدْر ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى النًّصَارَى صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ؛ لأَنَّهُمْ رُبَّما كَانَ يَأْتِي فِي الْحَرِّ الشَّدِيْدِ ؛ وَكَانَ يََضُرُّهُمْ فِي أسْفَارهِمْ ؛ فَاجْتَمَعَ رَأيُ عُلَمَائِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ عَلَى أنْ يَجْعَلُواْ صِيَامَهُمْ فِي فَصْلٍ مِنَ السَّنَةِ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ، فَجَعَلُوهُ فِي الرَّبيْعِ وَزَادُواْ فِيْهِ عَشْرَةَ أيَّامٍ كَفَّارَةً لِمَا صَنَعُواْ ؛ فَصَارَ أرْبَعِيْنَ يَوْماً ) . قال مجاهدُ : ( أصَابَهُمْ مَوَتَانٌ عَظِيْمٌ ؛ فَقَالوُاْ : زيْدُواْ فِي صِيَامِكُمْ ؛ فَزَادُواْ عَشْراً قَبْلُ ، وَعَشْراً بَعْدُ ، فَصَارَ خَمْسِيْنَ يَوْماً ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ؛ أيْ لِكَيْ تَّتَّقُواْ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْجِمَاعَ فِي زَمَانِ الصَّوْمِ . وقيل : معناه لتكونوا أتقياءَ . وأصلُ الصيام والصوم في اللغة : الإمساكُ ، يقال : صَامَتِ الريحُ إذا سكنَت ، وصامَتِ الخيلُ إذا وقفتْ وأمسكت عن السيرِ . قال النابغةُ : @ خَيْلٌ صِيَّامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا @@ ويقال : صَامَ النهارُ إذا اعتدلَ وقامَ قائمُ الظهيرةِ ؛ لأن الشمسَ إذا بلغت كبدَ السماءِ وقفَتْ وأمسكت عن السَّيرِ سويعةً . قال امرؤُ القيس : @ فَدَعْ ذا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بجَسْرَةِ ذمُول إذا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا @@ وقالَ آخرُ : @ حَتَّى إذا صَامَ النَّهَارُ واعْتَدَلْ وَسَالَ لِلشَّمْسِ لُعَابٌ فَنَزَلْ @@ ويقالُ للرجل إذا أمسكَ عن الكلام : صامَ ، قال الله تعالى : { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } [ مريم : 26 ] أي صمتاً . فالصومُ : هو الإمساكُ عن المُفْطِرَاتِ .