Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 198-198)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } ؛ " روي عن عبدالله ابن عمر : أنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقَالَ : إنِّي لأُكْرِي أبلِي إلَى مَكَّةَ ، أفَيُجْزِئُ حَجِّي ؟ فَقَالَ : أوَلَسْتَ تُلَبِي وَتَقِفُ بعَرَفَاتَ وَتَرْمِي الْجِمَارَ ؟ ) قَالَ : بَلَى ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى أنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أنْتُمْ حُجَّاجٌ " " . ومعنى الآيةِ : ليس عليكم جناحٌ أن تطلبوا رزقاً في التجارة في أيامِ الحجِّ . وكان ابنُ عبَّاس يقرؤُها ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ ) . وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إذا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ غَفَرَ اللهُ لِلْحَاجِّ الْخَالِصِ ؛ وَإذَا كَانَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ غَفَرَ اللهُ لِلتُّجَّار ، وَإذَا كَانَ يَوْمُ مِنَى غَفَرَ اللهُ لِلْجَمَّالِيْنَ ، وَإذَا كَانَ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ غَفَرَ اللهُ لِلسُّؤَّالِ ، وَلاَ يَشْهَدُ ذلِكَ الْمَوْقِفَ خَلْقٌ مِمَّنْ قَالَ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ ، إلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ " . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ } ؛ معناهُ : إذا دَفَعْتُمْ من عرفاتَ فاذكرُوا اللهَ باللَِّسانِ عند الْمَشْعَرِ الحرامِ ؛ وهو الجبلُ الذي يقفُ عليه الناسُ بالمزدلفةِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَٰكُمْ } ؛ أي اذكروهُ بالثناءِ والتوحيد والشُّكرِ ذكراً مثلَ هدايته إيَّاكم ؛ أي ذِكراً يكونُ جَزَاءً لهدايتهِ ، قَوْلَهُ تَعَالَى : { وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ } ؛ أي وإن كنتم من قَبْلِ هدايته إياكم لَمِنَ الضَّالينَ عنِ الهدى . وَقِيْلَ : إنَّ المراد بالذِّكرِ الأول في هذه الآيةِ صلاةُ المغرب والعشاءِ التي يجمعُ بينهما في وقتِ العشاء بالمزدلفة . والمرادُ بالذِّكر الثانِي هو الذكرُ المفعول بالمزدلفة غَدَاةَ جمعٍ في موقفِ المزدلفة . فعلى هذا يكون الذكرُ الأول غيرَ الثانِي . وقد سَمَّى الصَّلاةَ ذكراً على معنى أن الذِّكرَ ركنٌ من أركانِها . والإفَاضَةُ : هي الدفعُ بالكثرةِ ، يقال : أفاضَ القومُ في الحديثِ ؛ إذا تدافعوا فيه وأكْثَرُوا التصرُّفَ ؛ وأفاضَ الْمِرْجَلُ إنَاهُ ؛ إذا صَبَّهُ ، وفاضَ الإناءُ إذا انصبَّ منهُ الماءُ للامتلاءِ ، وأفاضَ البعيرُ بجِرَّتِهِ ؛ إذا رمي بها متفرقةً كثيرة . وَعَرَفَاتُ : جمعُ عَرَفَةَ ؛ وهي مكانٌ واحد ذكرها بلفظ الجمع ؛ وإرادته جمعُ أجزائها . وسُميت عرفاتُ لارتفاعها من بشرِ الأرض ، وقيلَ : سُميت بذلك لأن آدمَ وحوَّاء تعارفَا بها بعد التفاقُدِ . ويقال : لأنَّ جبريل عرَّفها إبراهيمَ عليه السلام ليقفَ عليها حين كان يعلِّمه أمرَ المناسكِ ؛ فقال إبراهيمُ : عرفتُ . وقال بعضُهم : سُميت بذلك لأن الناسَ يَعْتَرِفُونَ في هذا اليومِ على ذلك الموقف بذنوبهم . وقيلَ : هي مأخوذةٌ من العُرف وهو الطِّيْبُ ، قال الله تعالى : { عَرَّفَهَا لَهُمْ } [ محمد : 6 ] أي طيَّبها لهم .