Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-1)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قولهُ عَزَّ وَجَلَّ : { الۤمۤ } ؛ اختلَفُوا في تفسيرِ { الۤمۤ } وسائرِ حروف التهجِّي ، ورويَ عن عمرَ وعثمانَ وابنِ مسعودٍ : ( أنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ مِنْ الْمَكْتُومِ الَّذِي لاَ يُفَسَّرُ ) . ووافقَهم في ذلك الشعبيُّ ؛ وقال : ( إنَّ للهِ تَعَالَى سِرّاً فِي كُتُبهِ ؛ وَإنَّ سِرَّهُ فِي الْقُرْآنِ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ ) وقال بعضُهم : إنَّها من المتشابهاتِ التي استأثرَ اللهُ بعلمِها فنحن نؤمنُ بتنْزيلها ونَكِلُ إلى الله تأويلَها . وقال عليٌّ رضي الله عنه : ( لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ ؛ وَصَفْوَةُ هَذَا الْكِتَاب حُرُوفُ التَّهَجِّي ) . وعنِ ابنِ عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أنَّ مَعْنَى { الۤمۤ } : أنَا اللهُ أعْلَمُ وَأرَى ، و { الۤمۤصۤ } : أنَا اللهُ أعْلَمُ وأَفْصِلُ ، و { كۤهيعۤصۤ } : الْكَافُ مِنْ كَافٍ ، وَالْهَاءُ مِنْ هَادٍ ، وَالْيَاءُ مِنْ حَكِيْمٍ ، وَالْعَيْنُ مِنْ عَلِيْمٍ ، وَالصَّادُ مِنْ صَادِقٍ ) . ويقالُ : الألفُ : مفتاحُ اسمهِ الله ؛ واللام : لطيفٌ ، والميم : مجيدٌ ، ومعناه اللطيفُ المجيدُ أنزلَ الكتابَ . ويقال : الألف : اللهُ ، واللام : جبريلُ ، والميم : مُحَمَّدٌ ، معناهُ : اللهُ أنزلَ جبريلَ على محمدٍ بهذا القرآنِ . وقيل : هذا قسمٌ أقسمَ الله به أنَّ هذا الكتابَ الذي أُنزل على مُحَمَّدٍ هو الكتابُ الذي عندَ الله ، وجوابهُ : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ البقرة : 2 ] . وقال محمَّدُ بن كعبٍ : ( الأَلِفُ آلاَءُ اللهِ ، وَاللاَّمُ لُطْفُهُ ، وَالْمِيْمُ مُلْكُهُ ) . وقال أهلُ الإشارة : الأَلِفُ أنَا ، واللاَّم لِي ، وَالْمِيْمُ مِنِّي . فَصْلٌ : وهذه الحروفُ موقوفةٌ ؛ لأنَّها حرفُ هجاء ، وحروف الهجاءِ لا تُعْرَبُ كالعدد في قوله : واحد اثنان . ولِغَايَةٍ أدخَلُوا الواوَ وحرَّكوهُ ؛ لأنه صارَ في حدِّ الأسماء ، فيقالُ : ألفٌ ولام كالعددِ . وكذلك قال الأخفشُ : ( هِيَ سَاكِنَةٌ لاَ تُعْرَبُ ) . وقولهُ : { الۤمۤ } رُفع بالابتداء ؛ و { ذَلِكَ } خبرهُ ؛ و { ٱلْكِتَابُ } صلةٌ لذلك . ويحتمل أن يكونَ ( الۤمۤ ) خبراً مقدَّماً تقديرهُ : ذلكَ الكتابُ الذي وعدتُ أن أوحيَهُ إليك { الۤمۤ } . ومن أبطلَ مَحَلَّ الحروف جعل { ذَلِكَ } ابتداء و { ٱلْكِتَابُ } خبره . و { الۤمۤ } صلةٌ ؛ فيكون لذلك معنيان ؛ أحدُهما : أن { ذَلِكَ } بمعنى ، وقد يستعملُ { ذَلِكَ } بمعنى ، ( هذا ) . قال خِفَافُ : @ أقُولُ لَهُ وَالرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنَهُ تَأَمَّلْ خُفَافاً إنَّنى أنَا ذلِكَا @@ أي إنَّنِي هذا أطرأُ لعودِ عطفه . والثانِي : على الإضمار ؛ كأنه قال : هذا القرآنُ { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] الذي وعدتُ في التوراة والإنجيل أن أُوحيَهُ إليكَ . وقيل : { الۤمۤ } ابتداءٌ ؛ و { ذَلِكَ } ابتداءٌ آخرُ ؛ و { ٱلْكِتَابُ } خبره ، والجملةُ خبرُ الأول . وقال بعضُ المفسرين : اخْتُلِفَ في { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] ، فقال الحسنُ وابن عباسٍ وقتادةُ ومجاهد : ( هُوَ الْقُرْآنُ ) . فعلى هذا يكون { ذَلِكَ } بمعنى ( هَذَا ) كقولهِ تعالى : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ } [ الأنعام : 83 ] أي هذه حُجَّتنا . وَقِيْلَ : معناهُ : { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] الذي ذكرتُهُ في التوراةِ والإنجيل .