Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 216-216)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } ؛ قال ابنُ " … " : ( لَمَّا كَتَبَ اللهُ الْجِهَادَ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ شُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَكَرِهَتْهُ نُفُوسُهُمْ ، وَقَبلَتْهُ قُلُوبُهُمْ ، وَأحَبَّ اللهُ تَعَالَى أنْ يُطَيِّبَ نُفُوسَهُمْ بهَذِهِ الآيَةِ ) . وقيلَ في وجهِ اتصالها بما قبلها : أنَّ ما قبلَها ذكرَ التعبُّدَ بالنفقةِ التي تَشُقُّ على البدنِ ، وفي هذه الآية ذكرَ ما لا شيءَ في التعبُّدِ أشقُّ منه وهو القتالُ . ومعنى الآية : فُرِضَ عليكم القتالُ وهو شاقٌّ عليكم ، وأرادَ بالكراهةِ كراهةَ الطبعِ لا عدمَ الرضا بالأمرِ ، وهذا كما يكرهُ الإنسانُ الصومَ بالصيف من جهةِ الطبع ، وهو مع ذلك يحبُّه ويرضاه من حيث إنَّ الله أمرهُ به . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } ؛ أي لعلَّكم تكرهونَ الجهادَ وهو خير لكم لِما فيه من النصر لدينِ الله تعالى على أعداء الله ؛ والفوز بالغنيمة مع عِظَمِ المثوبة ، وإدراكِ محِلِّ الشُّهداء { وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } أي لعلَّكم تحبُّون القعودَ عن الجهاد وهو شرٌّ لكم ، تُحرمون الفتحَ والغنيمة والشهادةَ ، ويتسلطُ عليكم العدوُّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ؛ أي يعلمُ ما فيه مصلحتُكم وما هو خيرٌ في عاقبة أموركم وأنتم لا تعلمون ذلك ، فبادرُوا إلى ما أُمرتم به إذ ليس كلُّ ما تشتهون خيراً ، ولا كل ما تحذرون شرّاً . وفي هذه الآية دلالةٌ على فرض القتالِ كما قال تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } [ البقرة : 183 ] وأراد به فرضَ الصيام . ثم لا يخلو القتالُ المذكور في هذه الآية من أن يرجع إلى معهودٍ قد عرفَهُ المخاطَبون وهو قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [ البقرة : 190 ] وقولهُ : { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } [ البقرة : 191 ] . وتكونُ هذه الآية تأكيداً لذلك القتلِ المعهودِ الذي عُلم حكمه ، فيكونُ القتال في هذه الآية راجعاً إلى جنسِ القتال ، فتكون هذه الآية مجملةً مفتقرةً إلى البيان ؛ لأن من المعلوم أن الله تعالى لم يأمُرْ بالقتالِ الناسَ كلهم ، فلا يصحُّ اعتقادُ العموم فيه ، فكان بيانُ هذا المجملِ بقولهِ تعالى : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ التوبة : 29 ] وقوله : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] .