Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 232-232)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَّل : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ } ؛ قال الحسنُ وقتادة : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي مَعْقَلِ بْنِ يَسَارٍ ، كَانَتْ أُختُهُ جُمَيْلُ تَحْتَ أبي الْبَدَّاحِ طَلَّقَهَا تَطْلِيْقَةً وَاحِدَة ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى طَلاَقِهِ إيَّاهَا ؛ فَخَطَبَهَا فَرَضِيَتِ الْمَرْأةُ بذَلِكَ وَأحَبَّتْ أنْ تُرَاجِعَهُ ، وَأبَى أخُوهَا مَعْقِلُ وَقَالَ لَهَا : إنِّي اخْتَرْتُهُ عَلَى أشْرَافِ قَوْمِي فَطَلَّقَكِ ، ثُمَّ تُرِيْدِيْنَ أنْ تُرَاجِعِيْهِ ؟ ! وَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ أبَداً لأَنْ تَزَوَّجْتِيْهِ . فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ يَنْهَى مَعْقِلاً عَمَّا صَنَعَ ) . وروي أنَّ أبَا الْبَدَّاحَ لَمَّا طلَّقَهَا وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطِبُهَا وَأرَادَ مُرَاجَعَتَهَا ، وَكَانَتِ الْمَرْأةُ تُحِبُّ مُرَاجَعَتَهُ ، قَالَ لَهُ أخُوهَا : أفْرَشْتُكَ كَرِيْمَتِي وَآثَرْتُكَ عَلَى قَوْمِي فَطَلَقْتَهَا وَلَمْ تُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، وَجِئْتَ تَخْطِبُهَا ؟ ! وَاللهِ لاَ أنْكِحُهَا أبَداً . فَأَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ . ومعنَاها : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } واحدةً أو اثنتين ، { فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } يعني انقضت عدَّتُهن ، وأرادَ ببلوغِ الأجلِ في هذه الآيةِ حقيقةَ البلوغِ بانقضاءِ العدَّة ، { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي لا تَمْنعوهُنَّ { أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } يعني الذين كانوا أزواجاً لَهنَّ من قَبلُ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي إذا تراضَوا بنكاحٍ جديد ومهرٍ وشهود ؛ وما لا يكون مُستنكراً في عقلٍ ولا عادةٍ ولا خُلق . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ؛ أي ذلك الذي ذُكر من النَّهي عن العضلِ { يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } ويؤمنُ بالبعث . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } ؛ أي أن لا تَمنعوها خيرٌ لكم وأفضلُ وأدخلُ في التزكية من المنعِ لَهنَّ ، وأطهرُ من الذنب وأبعدُ من الريبة ؛ لأنه إذا كان في نفسِ كلِّ واحد منهما علاقةُ حُبٍّ لَمْ يُؤْمَنْ أن يتجاوزَا ذلك إلى غيرِ ما أحلًّ الله لَهما . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ؛ أي { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } حُبَّ كلٍّ منهما لصاحبهِ ، { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلكَ . { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } ما لكم فيه الصلاحُ في العاجلِ والآجل ، ويعلمُ ما يُزَكِّيْكُمْ مِمَّا يُرْدِيْكُمْ { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلكَ . فلما نزلت هذه الآية دَعَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْقِلاً فَقَرَأ عَلَيْهِ الآيَةَ وَقَالَ : " " إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، فَلاَ تَمْنَعْ أُخْتَكَ مِنْ أبي الْبَدَّاحِ " فَقَالَ : إنِّي أُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأُشْهِدُكَ أنِّي قَدْ أنْكَحْتُهُ " وَكَفَّرَ عَنْ يَمِيْنهِ . والْعَضْلُ في اللغة له معنَيان ؛ أحدُهما : المنعُ ؛ يقال : عَضَلَ الرجلُ المرأةَ يَعْضِلُهَا وَيَعْضُلُهَا إذا مَنَعَهَا من الأزواجِ ظُلماً . وَأعْضَلَ الداءُ الأطباءَ إذا أعياهم عن معالجتهِ ، ويقال : داءٌ عُضَالٌ ؛ ومَسْأَلَةٌ مُعْضِلَةٌ . والآخرُ : التضييقُ ؛ يقال : عَضَلَ القضاءُ بالجيشِ إذا ضاق بهم ، وعَضَلَتِ المرأةُ بولدِها إذا عَسُرَ خروجُه . وفي الآيةِ دليلٌ على جواز نكاحِ المرأة على نفسِها إذا عقدت بغيرِ وليٍّ ؛ لأنَّ الله تعالى أضَافَ العقدَ إليها ونَهى الولِيَّ عن عَضْلِهَا إذا تراضَى الزوجان بالمعروفِ . ويدلُّ على ذلك قولهُ : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ } [ البقرة : 230 ] . وقولهُ : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } [ البقرة : 234 ] .