Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 253-253)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } ؛ معناهُ : إنَّ الذي نزَّلنا عليك خبرَهم في القرآنِ هم الرسلُ لم يكونوا في الفضْلِ متساوينَ ، ولكن { فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } في الدنيا والعُقبى . ثم فَسَّرَ فضيلةَ كلِّ واحد منهم فقال : { مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ } وهو مُوسى عليه السلام كَلَّمَهُ اللهُ من غيرِ سفير ، { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ } فوقَ بعضٍ { دَرَجَاتٍ } ؛ أي اتَّخذ اللهُ إبراهيمَ خليلاً ، وسخَّرَ لسليمانَ الريحَ والجنَّ والشياطين وعلَّمه منطقَ الطيرِ . وقال مجاهدُ : ( وأرَادَ بهَذِهِ الآيَةِ فَضِيْلَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَمِيْعِ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } [ الشرح : 4 ] . وقيل : هو إدريسُ كما قال تعالى : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } [ مريم : 57 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } ؛ أي أعطيناهُ الدلالات على إثبات نبوَّّتهِ من إبراءِ الأَكْمَهِ وَالأَبْرَصِ وإحياءِ الموتى والإنْبَاءِ بما غابَ عنه ، { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } أي قوَّيناهُ وأعنَّاهُ بجبريل الطاهرِ حين أرادوا قتلَهُ حتى رفعهُ الله إلى السماء . وقال الحسنُ : ( الرُّوحُ جِبْرِيْلُ ، وَالْقُدُسُ هُوَ اللهُ تَعَالَى ؛ فَيَصِيْرُ تَقْدِيْرُ الآيَةِ : وَقَوَّيْنَاهُ برُوحِ اللهِ تَعَالَى ) . وعنِ ابن عباسٍ أنه قال : ( الْقُدُسُ اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الَّذِي كَانَ بهِ عِيْسَى عليه السلام يُحْيِي الْمَوْتَى ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ } ؛ أي لو شاءَ اللهُ لَمْ يَقْتَتِلِ الذينَ مِن بعدِ الرسل مِن بعد ما وَضُحَتْ لَهم الحججُ والدلائل كما قالَ تعالى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [ الأنعام : 35 ] . وقيل : معناهُ : ولو شاءَ اللهُ لأنزلَ آيةً تضطرُّهم إلى الإيْمان وتَمنعهم عن الكفر كما قال تعالى : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ } أي شاءَ اختلافَهم فاختلفوا . ويقال : لم يُلْجِئْهُمْ إلىَ الإيْمان ؛ لأنَّ التكليفَ لا يُحسن مع الضرورةِ ، والجزاءُ لا يُحسن إلا مع التَّلْجِئَةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ } أي بالكتب والرسلِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } ؛ أي ولو شاء الله لم يقتتلوا مع اختلافهم بأن يأمرَ المؤمنينَ بالكَفِّ عن القتالِ ، وبأن يَلْجِئَهُمْ جميعاً إلى تَرْكِ القتالِ ، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } مِن تقدير الاتِّفَاقِ والاختلافِ وغيرِ ذلك مِن مَّا تُوجِبُهُ الحكمةُ .