Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 256-256)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ } ؛ الآية ، اختلفَ المفسرون في هذه الآية على ثلاثةِ أقوالٍ ؛ قال السديُّ والضحَّاك : ( إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ الأَمْرِ بقِتَالِ الْمُشْرِكِيْنَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ فصلت : 34 ] ، وَكَانَ الْقِتَالُ غَيْرَ مُبَاحٍ فِي أوَّلِ الإسْلاَمِ إلَى أنْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ الصَّحِيْحَةُ بصِحَّةِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا عَانَدُواْ بَعْدَ الْبَيَانِ أمَرَ اللهُ الْمُسْلِمِيْنَ بقِتَالِهِمْ لِقَوْلِِهِ تَعَالَى : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 5 ] وَغَيْرِ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ الْقِتَالِ ) . وقال الحسنُ وقتادةُ : ( إنَّ هَذِهِ الآيَةَ خَاصَّةٌ فِي أهْلِ الْكِتَاب أنْ لاَ يُكْرَهُواْ عَلَى الإسْلاَمِ بَعْدَ أنْ يُؤَدُّواْ الْجِزْيَةَ ، وَأمَّا مُشْرِكُو الْعَرَب فَلاَ يُقَرُّونَ بالْجِزْيَةِ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلاَّ الإسْلاَمُ أو السَّيْفُ ) . والقولُ الثالث : أن معناهُ : مَن دخلَ في الإسلام بمحاربةِ المسلمين ثم رضي بعد الحرب فليس بمُكْرَهٍ ؛ أي لا يقولوا لهم : إنَّما أسلمتم كَرْهاً ؛ فلا إسلامَ لكم . ومعنى الآية : { لاَ إِكْرَاهَ } في الإسلامِ ؛ أي لا تُكرهوا على الإسلامِ ، { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ } ؛ أي قد وَضَحَ الطريقُ المستقيم من الطريقِ الذي ليس بمستقيم بما أعطاهُ الله أنبيائَه من المعجزاتِ ، فلا تكرِهوا على { ٱلدِّينِ } . ودخولُ الألف واللام فِي ( الدِّينِ ) لتعريفِ المعهود . قَوْلُُهُ تَعَالَى : { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا } ؛ أي فمن يكفرُ بما أمرَ الله أن يكفرَ بهِ ، ويصدِّقُ بالله وبما أمرَ به ، فقد عقدَ لنفسهِ من الدين عقداً وثيقاً لا تحلُّه حجةٌ من الحجَجِ لا انقطاعَ لها بالشبهةِ والشكوكِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ؛ أي سميعٌ لِما يعقدهُ الإنسان في أمرِ الدين ، عالِمٌ بنيَّته في ذلك . والغَيُّ : نقيضُ الرُّشْدِ . والطاغوتُ : مأخوذ من الطُّغيان ، والطاغوتُ اسمٌ للأصنامِ والشياطين وكلُّ ما يُعبد مِن دون اللهِ تعالى .