Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 285-286)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ } ؛ الآية ، لَمَّا سبقَ في السورة ذكرُ أحكامٍ كثيرة أثنى اللهُ على مَن آمن بها وقَبلَهَا ، وقال عَزَّ من قائلٍ : { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ } بجميعِ الأحكامِ التي أنزلَها اللهُ تعالى ، وكذلك المؤمنونَ كلُّهم آمنوا باللهِ ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَلاۤئِكَتِهِ } ؛ إنَّما أتى بالملائكةِ لأن حَيّاً من خُزاعة كانوا يقولون : الملائكةُ بناتُ اللهِ ، فقالَ صلى الله عليه وسلم : " وَالْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ : إنَّ الْمَلاَئِكَةَ عِبَادُ اللهِ " . قولهُ : { وَكُتُبِهِ } ؛ قرأ ابن عباس وعكرمةُ والأعمش وحمزة والكسائيُّ وخَلَفُ : ( وَكِتَابهِ ) بالألفِ . وقرأ الباقون ( وَكُتُبهِ ) بالجمعِ ، وهو ظاهرٌ كقوله { وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسِلِهِ } . وللتوحيدِ وجهان ؛ أحدُهما : أنَّهم أرادوا القرآنَ خاصَّةً ، والثاني : أنَّهم أرادوا جميعَ الكُتُب ؛ كقول العرب : كَثُرَ الدرهمُ والدينار في أيدي الناسِ ، يريدون الدراهمَ والدنانيرَ . يدلُّ عليه قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ } [ البقرة : 213 ] . وقَوْلُهُ تََعَالَى : { وَرُسُلِهِ } ؛ قرأ الحسن : ( وَرُسْلِهِ ) بسكونِ السين لكثرةِ الحركات ؛ { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } ؛ أي لا نفعلُ كما فعلَ أهلُ الكتاب آمنوا ببعضِ الرسل وكفروا ببعضٍ . وفي مُصحفِ عبدِالله : ( لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ أحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) . وقرأ جُرير بن عبدالله وسعيدُ بن جبيرٍ ويحيى بن يَعْمُرَ ويعقوبُ : ( لاَ يُفَرِّقُ ) بالياءِ ، بمعنى لا يفرِّقُ الكلَّ ، ويجوزُ أن يكون خبراً عن الرسولِ . وقرأ الباقون بالنون على إضمار القولِ ؛ تقديرهُ : قالوا لا نُفَرِّقُ ، كقولهِ تعالى : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 - 24 ] ؛ أي يقولون : سلامٌ عليكم . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ؛ أي سَمعنا قولَك وأطَعنا أمرَكَ . وقيل : معنى { وَأَطَعْنَا } قَبلْنَا ما سَمعنا ؛ بخلافِ ما قالتِ اليهودُ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } ؛ أي اغْفِرْ غُفْرَانَكَ يَا رَبَّنَا . وقيل : معناهُ : نسألُكَ غفرانَك . والأول مصدرٌ ، والثاني مفعولٌ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } أي نحنُ مقرُّون بالبعثِ . ومعنى قوله : { وَإِلَيْكَ } أي إلى جَزَائِكَ ؛ وهذا كما قالَ عَزَّ وَجَلَّ حكايةً عن إبراهيمَ عليه السلام : { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الصافات : 99 ] أي إلى حيثُ أمرُ رَبي . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } ؛ قرأ إبراهيمُ بن أبي عبلةَ : ( إلاَّ وَسِعَهَا ) بفتحِ الواو وكسرِ السين على الفعلِ ؛ يريدُ إلا وَسِعَهَا أمرُهُ . ومعنى الآيةِ : { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً } فَرْضاً من فروضها من صومٍ أو صلاة أو صدقةٍ أو غير ذلك من حديثِ النفسِ ؛ إلا مقدارَ طاقتها كما قالَ صلى الله عليه وسلم لِعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ : " صَلِّ قَائِماً ؛ فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً ؛ فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبكَ تُومِئُ إيْمَاءٌ " . قال قومٌ : لو كلَّفَ اللهُ العبادَ فوقَ وسعِهم لكان ذلك لهُ ؛ لأن الخلقَ خلقهُ والأمرَ أمره ، ولكنه أخبرَ أنه لا يفعلهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } يعني النفسَ لها جزاءُ ما عملت من الخيرِ والعملِ الصالح ؛ أي لها أجرهُ وثوابه ؛ وعليها وزْرُ ما اكتسبت من المعصيةِ والعمل السيِّءِ لا يؤاخذُ أحدٌ بذنب أحدٍ ؛ ولاَ تَزِرُ وَازرَةٌ وزْرَ أُخْرَى . والفرقُ بين الكَسْب والاكْتِسَاب : أن الكسبَ فعلُ الإنسان لنفسهِ ولغيره ، والاكتسابَ ما يفعلهُ لنفسه خاصةً . وقيل : لا فرقَ بينهما في اللغةِ . فعلى القولِ الأول وُصِفَ المسيءُ بالاكتساب ؛ لأن وزْرَهُ لا يَعْدُوهُ ؛ ومعصيتهُ لا تضُرُّ غيرَه ، ووُصِفَ المحسنُ بالكسب ؛ لأن غيرَهُ يشاركه في ثوابهِ بالهداية والشفاعةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } ؛ أي لا تُعاقبنا إن نسينا طاعتَكَ أو أخطأنا في أمرِكَ . وقال الكلبيُّ : ( إنْ جَهِلْنَا أوْ تَعَمَّدْنَا ) ، فذهبَ إلى الخطأ الذي هو ضِدُّ الصواب لا ضدَّ القصدِ . يقال : خَطَأَ إذا تعمَّدَ ؛ وأخطأَ إذا سَهَى ، وقد يقالُ : أخطأَ إذا تعمَّد . وقيل : معنى الآيةِ : إن تَرَكْنَا أمراً أو اكتسبنا خطيئةً . والنسيانُ بمعنى التركِ معروفٌ في الكلامِ كما في قولهِ تعالى : { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } [ التوبة : 67 ] أي تركوا ذَِكْرَ اللهِ وأمرَهُ فتركهم في العذاب . والمرادُ بالمؤاخذةِ والنسيانِ سقوطَ الإثمِ في الآخرة . فأما في حكمِ الدنيا فلا يرتفعُ التكليف منه إذا ذكرَهُ بعد النسيانِ كما قالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذا ذَكَرَهَا " وكذلك الخطأُ مرفوعُ الإثمِ في الآخرة وهو تأويلُ الخبرِ المرويِّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَرُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُواْ عَلَيْهِ " فأمَّا في أحكامِ الدنيا فيتعلقُ به الحكمُ ؛ لأن الله نصَّ على لزومِ قتلِ الخطأ في إيجاب الدية والكفارةِ . قال الكلبيُّ : ( كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيْلَ إذَا نَسُوا شَيْئاً مِمَّا أُمِرُواْ بهِ أوْ أخْطَأُواْ عُجِّلَتْ لَهُمُ الْعُقُوبَةُ ، فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ مَطْعَمٍ أوْ مَشْرَبٍ عَلَى حَسْب ذَلِكَ الدِّيَةُ ، فَأَمَرَ اللهُ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِيْنَ أنْ يَسْأَلُوهُ تَرْكَ مُؤَاخَذَتِهِمْ ) . وقال ابنُ زيدٍ : ( قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِن نَّسِينَآ } شَيْئاً مِمَّا افْتَرَضْتَهُ عَلَيْنَا ، { أَوْ أَخْطَأْنَا } شَيْئاً مِمَّا حَرَّمْتَهُ عَلَيْنَا ) . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا } ؛ أي لا تحملْ علينا ثِقْلاً ؛ ويقال : عَهْداً ؛ كما حَمَلْتَهُ على بني إسرائيلَ بجُرمٍ منهم أمرتَهم بقتلِ بعضِهم بعضاً ؛ وحَرَّمْتُ عليهم الطيباتُ بظُلمهم ، وكما كانوا مأمورين بأداءِ رُبُعِ أموالِهم في الزكاةِ ونحوِ ذلك من الأمور التي كانت تُثْقِلُ عليهم . ومنهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } [ آل عمران : 81 ] أي عَهْدِي . قَوْلُهُ تَعَالَى : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } ؛ أي لا تُحمِّلنا ما يشقُّ علينا من الأعمالِ ، وهذا كما يقالُ : لا أطيقُ كلامَ فلانٍ ، ولا أطيقُ هذا الأمرَ ؛ أي لا أحملهُ إلا بمشقَّةٍ . هذا هو معنى الآية ؛ لأن اللهَ تعالى لا يكلِّفُ أحداً شيئاً لا يكونُ ذلك في قدرتهِ . وقيل : معناه : { مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } من العذاب ، وقيل : هو حديثُ النفسِ والوَسْوَسَةِ . وعن مكحولٍ أنَّهُ ( الْغُلْمَةُ ) . وعن بعضِهم أنه كان يقولُ : اللَّهُمَّ أعِذنِي وإخوتِي من شرِّ الغُلْمَةِ ، فإنَّها ربَّما جَرَّتْ إلى جهنم . وقال ابنُ عبدالوهاب : ( يَعْنِي الْعِشْقَ ) . وعنْ إبراهيمَ في قوله تعالى : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } : قال يعقوبُ : ( يَعْنِي الْحُبَّ ) . وقال بعضُهم : حضرتُ ذا النون المصريّ في مجلسٍ له ، فتكلمَ ذلك اليومِ في محبَّة الله عَزَّ وَجَلَّ ، فماتَ أحدَ عشرَ نفساً في المجلس ؛ فصاحَ رجلٌ من المريدين فقال : ذكرتَ محبةَ الله ، فاذكُرْ محبةَ المخلوقين . فتأوَّهَ ذو النونُ تأوَّهاً شديداً وشقَّ قميصه نصفين ، وقال : آهٍ … علقت رهونُهم ؛ واستعبرت عيونُهم ؛ وخالفوا السُّهَادَ ؛ وفارقوا الرقادَ ؛ فليلهم طويلٌ ؛ ونومُهم قليلٌ ؛ أحزانُهم لا تتغيرُ ؛ وهمومهم لا تفقدُ ؛ باكيةٌ عيونُهم ؛ قريحة جفونُهم . وقال يحيى بن معاذ : ( لَوْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ بيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَا عَذَّبْتُ الْعُشَّاقَ ؛ لأَنَّ ذُنُوبَهُمْ اضْطِرَارٌ لاَ اخْتِيَارٌ ) . وقال بعضُهم : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } يعني شَمَاتَةَ الأعداءِ ؛ قال الشاعرُ : @ كُلُّ الْمَصَائِب قَدْ تَمُرُّ عَلَى الْفَتَى فَتَهُونُ غَيْرَ شَمَاتَةِ الْحُسَّادِ إنَّ الْمَصَائِبَ تَنْقَضِي أيَّامُهَا وَشَمَاتَةُ الْحُسَّادِ بالْمِرْصَادِ @@ وقيل : هو الفرقةُ والقطيعة ، نعوذُ باللهِ العظيمِ منهما ، يقال : قطعُ الأوصالِ أيسرُ من قطعِ الوِصَالِ . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ } ؛ أي تَجَاوَزْ عن تقصيرِنا وذنوبنا ولا تفضحنا { وَٱرْحَمْنَآ } ؛ فإنَّنا لا ننالُ العملَ بطاعتك إلا بمعونتكَ ، ولا نتركُ المعصيةَ إلا برحمتِكَ . وقيل : معنى : { وَٱعْفُ عَنَّا } أي اترُكْ عنَّا العقوبةَ ، ومعنى العفوِ : التركُ . وقوله تعالى : { وَٱغْفِرْ لَنَا } أي اسْتُرْ لنا ذنوبَنا وعيوبَنا ، { وَٱرْحَمْنَآ } أي أنْعِمْ علينا بالجنةِ والثواب ، وقيل : معنَى الآية : { وَٱعْفُ عَنَّا } من الْمَسْخِ { وَٱغْفِرْ لَنَا } من الْخَسْفِ { وَٱرْحَمْنَآ } من الغرقِ ؛ أي لا تفعلْ بنا ما فعلتَ ببعض من تقدَّمَنا من الأممِ . وقيل : معناهُ : { وَٱعْفُ عَنَّا } الصغائرَ { وَٱغْفِرْ لَنَا } الكبائرَ { وَٱرْحَمْنَآ } بتثقيلِ الميزان . وقيلَ : معناهُ : { وَٱعْفُ عَنَّا } في سكراتِ الموت { وَٱغْفِرْ لَنَا } في ظلمةِ القبور { وَٱرْحَمْنَآ } في أهوالِ القيامة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } ؛ أنتَ وليُّنا وناصرُنا ومتولِّي أمورنا ، { فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } أي أعِنَّا عليهم في إقامةِ الحجة وإظهار الدين كما وعدتَنا . روي عن عبدالله بنِ عباس : أنَّ النَّّبيَّ صلى الله عليه وسلم " لَمَّا قَرَأ { غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } قَالَ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ، فَلَمَّا قَرَأ : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } قَالَ : لاَ أُؤَاخِذُكُمْ ، فَلَمَّا قَرَأ { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا } ، قَالَ : لاَ أحْمِلُ عَلَيْكُمْ ، فَلَمَّا قَرَأ { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } قَالَ : لاَ أُحَمِلُكُمْ ، فَلَمَّا قَرَأ { وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } . قَالَ : قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ ؛ وَغَفَرْتُ لَكُمْ ؛ وَرَحَمْتُكمْ ؛ وَنَصَرْتُكُمْ عَلَى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " . وكان معاذُ بن جبلٍ إذا خَتَمَ هذه السورةِ ، قال : ( آمِيْن ) . وعن الحسنِ والضحاك ومجاهدٍ وجماعة من المفسرين : أنَّ قوله تعالى : { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ … } إلى آخرِ السورة كان في قصةِ المعراجِ ؛ قالوا : " لَمَّا انْتَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى قَالَ لَهُ جِبْرِيْلُ : إنَّي لَمْ أُجَاوزْ هَذَا الْمَكَانَ ، وَلَمْ يُؤْمَرْ أحَدٌ بالْمُجَاوَزَةِ غَيْرُكَ ، فَامْضِ أنْتَ . قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " فَمََضَيْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إلَى مَا أرَادَ اللهُ تَعَالَى " فَأَشَارَ جِبْرِيْلُ عليه السلام أنْ سَلِّمْ عَلَى رَبكَ ، فَقُلْتُ : " التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ " فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : فَأَحْبَبْتُ أنْ يَكُونَ لأُمَّتِي حَظٌّ فِي السَّلاَمِ ، فَقُلْتُ : " السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ " فَقَالَ جِبْرِيْلُ وَأهْلُ السَّمَاوَاتِ كُلُّهُمْ : أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَقَالَ اللهُ تَعَالَى : { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ } . فَأرَادَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُشْرِكَ أُمَّتَهُ فِي الْكَرَامَةِ وَالْفَضِيْلَةِ ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } الآيَةُ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } الآيَةُ ، فَقَالَ جِبْرِيْلُ عليه السلام عِنْدَ ذَلِكَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : سَلْ تُعْطَ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } إلَى آخِرِ السُّورَةِ . فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأوْحَى اللهُ إلَيْهِ بِهَذِهِ الآيَاتِ لَيُعْلِمَ أُمَّتَهُ بذَلِكَ أوْ يُعْلِمَهُمْ كَيْفَ يَدْعُونَ اللهَ تَعَالَى " " . وَقَد تَقَدَّمَ فَضْلُ السُّورَةِ وَاللهُ الْمُوَفِّقُ .