Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 50-50)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ } ، وذلك أنه لَمَّا دنا هلاكُ فرعون أمرَ الله موسى أن يسري ببني إسرائيل من مصرَ ؛ فأمرَ موسى قومَه أن يُسْرِجُوا في بيوتِهم إلى الصُّبح . وألقى اللهُ على القِبْطِ الموتَ ؛ فاشتغلوا بدفنهم ، وخرجَ موسى في ستمائة ألفٍ وعشرين ألفاً سوَى الذُّرية . وكان موسى على ساقَتِهم وهارون على مقدِّمتهم ، فخرجَ فرعون على طلبهم وعلى مقدمته هامانُ في ألفِ ألفٍ وسبعمائة ألف ، وسارَ بنو إسرائيل حتى وصلُوا البحرَ والماءُ في غايةِ الزيادة . ونظرُوا فإذا هم بفرعونَ وقومهِ وذلك حين أشرقَت الشمسُ . فبقوا متحيِّرين ؛ قالوا : يا موسَى كيف نصنعُ ؛ وما الحيلةُ وفرعون خلفَنا والبحرُ أمامنا ؟ فقال موسى : ( كَلاَّ ؛ إنَّ مَعِي رَبِي سَيَهْدِينِي ) . فأوحَى اللهُ إليه : { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } [ الشعراء : 63 ] فضربهُ فلم يَنْفَلِقْ . فأوحَى الله إليه : أنْ كَنِّهِ ؛ فضربهُ بعصاه وقال : انْفَلِقْ أبَا خالدٍ بإذن الله عَزَّ وَجَلَّ . { فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } [ الشعراء : 63 ] . وظهرَ فيه اثنا عشر طريقاً ؛ لكل سِبْطٍ طريقٌ ، وأرسلَ الله الريحَ والشمس على قعرِ البحر فصار يَبَساً ؛ فخاضَت بنو إسرائيل البحرَ كل سِبْطٍ في طريق ، وعن جانبيه الماءُ كالجبل الضَّخم لا يرى بعضهم بعضاً ، فخافُوا ! وقال كلُّ سبطٍ : قد قُتِلَ إخواننا ، فأوحَى الله إلى جبالِ الماء : تشبَّكي فصارَ الماءُ شَبَكَاتٍ يَرى بعضهم بعضاً ويسمعُ كلامَ بعض ؛ حتى عبَروا البحرَ سالمين . فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ } أي فلقناهُ وصيَّرنَا الماءَ يَميناً وشمالاً . وقوله : { فَأَنجَيْنَٰكُمْ } أي من الغرقِ ومن آل فرعون . وقولهُ : { وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ } ؛ وذلك أنَّ فرعون لَمَّا وصل إلى البحرِ ورآه منفلقاً . قال لقومهِ : أنظروا إلى البحرِ انفلقَ من هيبَتي حتى أُدرك أعدائي وعبيدي الذين أبقُوا فأقتُلَهم ؛ ادخلوا البحرَ . فهابَ قومهُ أن يدخلوه ؛ ولم يكن في خَيْلِ فرعون أُنثى ، فجاء جبريل على فرسٍ أُنثى ودنَا فتقدَّمهم وخاض البحرَ ، فلما شَمَّت خيولُ فرعون ريحها اقتحمت البحرَ في أثَرِها حتى خاضوا كلّهم البحر ، وجاء ميكائيلُ على فرسٍ خلفَ القوم يحثُّهم ويقول لهم : إلْحَقُوا بأصحابكم ، حتى إذا خرجَ جبريل من البحرِ وَهَمَّ أوَّلُهم أن يخرجَ . أمرَ الله البحر أن يأخذهم ؛ فالتطمَ عليهم ؛ فغرِقوا جميعاً وذلك بمرأى من بني إسرائيل ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ } { وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } ؛ إلى مصارعهم .