Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 9-9)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا } ؛ أي يخالِفُون اللهَ ويَكْذِبُونَهُ وَيَكْذِبُونَ المؤمنين . ويخالفونَهم في ضمائرِهم وهم المنافقونَ . وأصلُ الْخَدَعِ في اللغة الاختفاءُ ؛ ومنهُ قِيْلَ للبيتِ الذي يُخَبَّأُ فيه الْمَتَاعُ : مَخْدَعٌ ؛ فالْمُخَادِعُ يُظهرُ خلافَ ما يُضمرُ . وقال بعضُهم : أصل الْخَدَاعِ في اللغة : الفسادُ . وقال الشاعرُ : @ أبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيْذٌ طَعْمُهُ طَيِّبُ الرِّيْقِ إذَا الرِّيْقُ خَدَعْ @@ أي فَسَدَ ، فيكون المعنى : مُفْسِدُونَ ما أظهَروا بألسنتهم مِما أضمَرُوا في قلوبهم . وقيلَ : معناهُ : يخادعونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كقولهِ تعالى : { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [ الزخرف : 55 ] أي آسَفوا نَبيَّنَا . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ الأحزاب : 57 ] أي أولياءَ الله ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لا يؤذَى ولا يُخادَع . وقد يكون المفاعلةُ من واحد كالمسافَرَة . فإن قِيْلَ : ما وجهُ مخادعتِهم اللهَ ؛ وهو لا يَخفى عليه شيء ؟ وما وجهُ مخادعةِ المؤمنين ومخادعةِ أنفسهم ؟ قيل : المخادعةُ الإخفاءُ ، يقال : انخدعَتِ الضَّبيةُ في جُحرها . واللهُ تعالى لا يخادَع في الحقيقةِ ، ولكن أطلقَ عليه اسمُ المخادعةِ لَمَّا فعَلُوا فعلَ المخادِعين . ولو كان يصحُّ لَهم خِداعُهم لقالَ : يَخْدَعُونَ اللهَ . وَقِيْلَ : معناهُ : يخادعونَ رسولَ اللهِ . وأما مخادعةُ المؤمنينَ ، فإظهارُهم لَهم الإسلامَ تُقْيَةً ؛ وَقِيْلَ : إظهارُ الإسلامِ لَهم ليكرِمُوهم ويبجِّلوهم . وَقِيْلَ : أظهَروا لَهم ذلك لِيُفْشُوا إليهم سرَّهُم فينقلوهُ إلى أعدائِهم . وأمَّا مخادعةُ أنفُسِهم فضررُ ذلك عليهم . قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم } ؛ لأنَّ وبالَ الخداعِ عائدٌ إلى أنفسهم فكأنَّهم في الحقيقة إنَّما يخدعونَ أنفسهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَا يَشْعُرُونَ } ؛ أي وما يعلمون أنهُ كذلك . والشعرُ : هو العلمُ الدقيقُ الذي يكون حادِثاً من الفطنةِ ؛ وهو من شِعَار القلب ؛ ومنه سُمي الشاعرُ شاعراً لفطنتهِ لما يدقُّ من المعنى والوزنِ ، ومنه الشعرُ لدقَّتهِ . ويقال : ما شَعَرْتُ به ؛ أي ما عَلِمْتُ بهِ . وليتَ شِعْرِي ما صنعَ فلانٌ ؛ أي ليتَ عِلْمِي . واختلف القرَّاءُ في قولهِ تعالى : { وَمَا يَخْدَعُونَ } فقرأ نافعُ ؛ وابن كثير ؛ وأبو عمرٍو : ( يُخَادِعُونَ ) بالألفِ . وقرأ الباقون : ( يَخْدَعُونَ ) بغير ألِف على أشهرِ اللغتين وأفصحِهما ؛ واختارهُ أبو عُبيدٍ . ولا خلافَ في الأول أنه بالألفِ .