Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 27-27)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } ؛ أي وعَهِدْنَا إلى إبراهيمَ أيضاً أن أذِّنْ فِي النَّاسِ بالْحَجِّ يَأْتُوكَ رجَالاً ، فقال : يا رب وما يبلغُ صَوْتِي ؟ فقال : عليك الأذانُ وعليَّ البلاغُ ، فصَعَدَ أبا قَبيْسٍ ، ونَادَى في الناسِ : ألاَ إنَّ ربَّكُمْ قد بَنَى بيتاً ، وأمرَكم أن تَحُجُّوهُ فَحَجُّوهُ ، فاسمعَ اللهُ نداءه جميعَ مَن في أصلاب الرجالِ وأرحامِ النِّساء ، وما بينَ المشرق والمغرب ، والبَرِّ والبحرِ ، فَلَبَّاهُ كلُّ حَجَرٍ وَمَدرٍ ، وكلُّ مؤمنٍ ومؤمنة في أصلاب الآباء وأرحام الأُمَّهات ، قالوا : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، فجعلَ اللهُ التلبيةَ شعاراً للحجِّ ، فكلُّ مَن حَجَّ فهو ممن أجابَ إبراهيمَ عليه السلام . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } ؛ معناهُ : يأتوكَ مُشَاةً على أرجُلِهم وعلى كلِّ جَمَلٍ مهزولٍ أضْمَرَهُ السفرُ ، ورجَالٌ جمع رَاجِلٍ ، نحو صاحِبٍ وأصحابٍ . وعن ابنِ عبَّاس أنه قالَ : ( مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي إلاَّ أنِّي لَمْ أحُجَّ رَاجِلاً ) ، وقد حَجَّ الْحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا خَمساً وعشرين حَجَّةً ماشياً من المدينةِ إلى مكَّةَ ، وأن النَّجَائِبَ لتقادُ معه . وعن رسولِ الله صلى عليه وسلم أنهُ قال للحُجَّاجِ : " " لِلرَّاكِب كُلُّ خَطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِيْنَ حَسَنَةً ، وَلِلحَاجِّ الْمَاشِي بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعُمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ " قِيْلَ : وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ ؟ قَالَ : " الْحَسَنَةُ بمِائَةِ ألْفٍ " " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } ؛ أي من بُلدانٍ شتَّى ، مِن كلِّ طريقٍ بعيد ، يقالُ عَمِيقَة إذا كانت بعيدةَ القرارِ . وإنَّما قال ( يَأْتِيْنَ ) ؛ لأنه في معنى الجمعِ ، وَقِيْلَ : معناهُ : وعلى نَاقَةٍ ضَامِرَةٍ . وعن بشْرِ بن مُحَمَّدٍ قال : رأيتُ في الطَّوافِ كَهْلاً قد أجهدتْهُ العبادةُ ، واصفَرَّ لونهُ ، وبيدهِ عصا وهو يطوفُ معتمداً عليها ، فتقدَّمتُ إليه لأسألَهُ ، فقال لِي : مِن أين أنتَ ؟ فقلتُ : من خُراسان ، قال : من أيِّ ناحيةٍ هي ؟ قلتُ : من نواحي المشرقِ ، فقال لِي : فِي كم تقطعونَ هذا الطريقَ ؟ قلتُ : شهرين أو ثلاثة ، قال : أفلاَ تَحُجُّونَ في كلِّ عام وأنتم جيرانُ البيتِ ؟ قلتُ : وأنتم كم بينَكُم وبين هذا البيتِ ؟ فقال : مسيرةُ خمسِ سنين ، فقلتُ : والله إن هذا الجهدُ لَبَيِّنٌ ، والطاعةُ الجميلة والمحبة الصادقةُ ، فضَحِكَ في وجهي وأنشأَ يقولُ :