Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 28-28)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقَولهُ تعالى : { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ } ؛ أي ليشْهَدوا ما ندبَهم اللهُ إليه مما لَهم فيه نفعُ آخِرَتِهم ، ويدخلُ في ذلك منافعُ الدُّنيا من التجارةِ بيعاً ورُخصةً . قال ابنُ جبير : ( يَعْنِي بالْمَنَافِعِ التِّجَارَةَ ) ، وقال مجاهدُ : ( هِيَ التِّجَارَةُ وَمَا يُرْضِي اللهَ مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) . وعن عمرَ بنِ عبدِالعزيز أنه كان يقول إذا وَقَفَ بعرفةَ : ( اللَّهُمَّ إنَّكَ دَعَوْتَ إلَى حَجِّ بَيْتِكَ ، وَذكَرْتَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى شُهُودِ مَنَاسِكِكَ ، وَقْدْ جِئْتُكَ فَاجْعَلْ مَنْفَعَةَ مَا تَنْفَعُنِي بهِ أنْ تُؤْتِيَنِي فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَأنْ تقيَني عَذابَ النَّارِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } ؛ قال الحسنُ : ( الأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْعَشْرُ ، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أيَّامُ التَّشِرِيْقِ ) ، وإنَّما قال لَها معدوداتٍ ؛ لأنَّها قليلةٌ ، وَقِيْلَ لتلكَ المعلوماتِ الحرصُ على علمِنا بحسابها من أجلِ وَقْفِ الحجِّ في آخرها ، وإلى هذا ذهبَ أبو حنيفةَ . وقال أبو يوسُفَ : ( الأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أيَّامُ النَّحْرِ وَهِيَ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ ، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أيَّامُ التَّشْرِيْقِ وَهِيَ ثَلاَثَةٌ بَعْدَ الْيَوْمِ الأوَّلِ مْنْ أيَّامِ النَّحْرِ ، فَيَكُونُ الْيَوْمُ الأَوَّلُ مِنْ أيَّامِ النَّحْرِ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ دُونَ الْمَعْدُودَاتِ ، وَالْيَوْمُ الآخِرُ مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيْقِ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ دُونَ الْمَعْلُومَاتِ ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ وَسَطِهَا مِنَ الْمَعْلُومَاتِ والْمَعْدُودَاتِ جَمِيْعاً ) ، وكان يستدلُّ على هذا القولِ في الأيَّام بهذه الآية ، فإنه تعالى قالَ : { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } ، فاقتضى ظاهرهُ أن المرادَ التسميةُ على ما ذُبحَ من بَهيمة بالْمُتْعَةِ والقِرَانِ . وأما على قول أبي حنيفةَ ، فالمرادُ بالذِّكْرِ إكثارُ الذِّكرِ في أيامِ العَشْرِ ، كما رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " مَا مِنْ أيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أفْضَلَ فِيْهِنَّ مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيْقِ ، فَأَكْثِرُواْ فِيْهَا مِنَ التَّحْمِيْدِ وَالتَّكْبيْرِ وَالتَّهْلِيْلِ " وعلى هذا يكونُ معنى { عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } لِمَا رزقتُهم من بَهيمة الأنعامِ ، كما قال { وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } [ البقرة : 185 ] أي لِما هَدَاكُمْ ، وقال محمَّدُ بن كعبٍ : الْمَعْلُومَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ وَاحِدٌ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } يعني الهدايا والضَّحايا من الإبلِ والبقرِ والغنم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } ؛ قال الحسنُ : ( وذَلِكَ أنَّ أهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إذا ذبَحُوا لَطَّخُواْ وَجْهَ الْكَعْبَةِ ، وَشَرَّحُوا اللَّحْمَ فَوَضَعُوهُ عَلَى الْحِجَارَةِ حَتَّى تَأْكُلَهُ السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ ، وَقَالُواْ : لاَ يَحِلُّ لَنَا أنْ نَأْكُلَ شَيْئاً جَعَلْنَاهُ للهِ . فَلَمَّا جَاءَ الإسْلاَمُ قَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا نَضَعُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ألاَ نَضَعُهُ الآنَ ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ) . { فَكُلُواْ مِنْهَا } يعني الأنعامَ التي تَنْحَرون ، { وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ } وهو الذي قد أصابَهُ ضررُ الجوعِ ، و { ٱلْفَقِيرَ } الذي لا شيءَ لهُ . وَقِيْلَ : البائسُ الذي بَيَّنَ عليه أثرُ البُؤْسِ بأن يَمُدَّ يده إليكَ . وَقِيْلَ : البائسُ الزَّمِنُ . وإنَّما خَصَّصَ البائسَ الفقيرَ ؛ لأنه أحوجُ من غيرهِ .