Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 23-23)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ } ؛ معناهُ : إن الذينَ يقذِفُون العفائفَ الغافلاتِ عمَّا قُذِفْنَ بهِ كغَفْلَةِ عائشةَ عن ما قيلَ فيها ، { ٱلْمُؤْمِناتِ } ، باللهِ ورسوله ، { لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } ؛ أي عُذِّبُوا في الدُّنيا بالحدِّ ، وفي الآخرةِ بعذاب النار . وسُمِّيت عائشةُ غافلةً ؛ لأنَّها قُذِفَتْ بأمرٍ لَم يخطُرْ ببالِها ، فأصابَ كلُّ واحدٍ مِن قاذفيها ذاهبةً في الدُّنيا . أمَّا ابنُ أُبَيِّ فقد ماتَ كافراً ونَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاةِ عليهِ ، وأما حَسَّانُ فقد دخلَ على عائشةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا بعد ما ذهبَ بصرهُ في آخرِ عمره ، وأنشدَها في بيتِها : @ حَصَانٌ رزَانٌ مَا تُزَنَّ برِيْبَةٍ وَتَصْبحُ غَرْثى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ @@ قَالَتْ : إنَّكَ لَسْتَ كَذلِكَ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ، قِيْلَ لِعَائِشَةَ : إنَّ اللهَ وَعَدَهُمْ بعَذابٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟ فَقَالَتْ : أوَلَيْسْ : هَذا عَذابٌ ؟ َيَعْنِي ذهابَ بصرهِ . واختلفَ المفسِّرون في هذه الآية { لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ؛ فقال مقاتلُ : ( هَذِهِ الآيَةُ خَاصَّةٌ فِي عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ وَرَمْيهِ عَائِشَةَ ) ، وقال ابنُ جبير : ( هَذا الْحُكْمُ خَاصَّةً فِيْمَنْ قَذفَ عَائِشَةَ ، فَمَنْ قَذفَهَا فَهُوَ مِنْ أهْلِ هَذِهِ الآيَةِ ) ، وقال الضحَّاك والكلبيُّ : ( هَذا فِي عَائِشَةَ وَفِي جَمِْيْعِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْمُؤْمِنِيْنَ ) ، قال ابنُ عبَّاس : ( هَذِهِ الآيَةُ فِي شَأْنِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِيْنَ خَاصَّةً لَيْسَ فِيْهَا تَوْبَةٌ ، وَأمَّا مَنْ قَذفَ امْرَأةً مُؤْمِنَةً مِنْ غَيْرِهِنَّ ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُ تَوْبَةً ) . ثُمَّ قَرَأ { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } [ النور : 4 ] إلى قولهِ : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } [ النور : 5 ] ، قَالَ : ( فَجَعَلَ اللهُ لِهَوُلاَءِ تَوْبَةً ، وَلَمْ يَجْعَلْ لأُوْلَئِكَ ) . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : " مَنْ أشَاعَ عَلَى رَجُلٍ كَلِمَةً فَاحِشَةً وَهُوَ مِنْهَا بَرِيءٌ يُرِيْدُ أنْ يَسُبَّهُ بهَا فِي الدُّنْيَا ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أنْ يَدُسَّهُ بهَا فِي النَّارِ . وَأيَّمَا رَجُلٍ جَاءَ فِي شَفَاعَةِ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .