Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 6-7)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } ؛ الآيةُ ، " وذلكَ أنَّ اللهَ سُبحانه لَمَّا أنزلَ الآيةَ التي قبلَ هذه الآيةِ في قذفِ الْمُحصَنات وشَرَطَ فيها الإتيانَ بأربعةِ شهداءَ وإلاّ جُلِدَ ثَمانين جلدةً ، قَرَأهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَرِ . فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ : يَا رَسُولَ اللهِ ! جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، أرَأيْتَ إنْ رَأى رَجُلٌ مِنَّا مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلاً عَلَى بَطْنِهَا ، فَأَرَادَ أنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ فَيَجِيْءَ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَضَى الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَخَرَجَ ، وَإنْ هُوَ عَجَّلَ فَقَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ ، وَإنْ تَكَلَّمَ بذلِكَ جَلَدْتُمُوهُ ، وَإنْ سَكَتَ ؛ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ شَدِيْدٍ ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " كَفَى بالسَّيْفِ " أرَادَ أنْ يَقُولَ شَاهِداً ، فَأُرْسِلَ عَلَيْهِ جِبْرِيْلُ بالسُّكُوتِ ، فَأَمْسَكَ لِئَلاَّ يَتَسَارَعَ أحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلَى قَتْلِ أزْوَاجِهِمْ . " وقال ابنُ عبَّاس : " لَمَّا نَزَلَتْ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } ، قَرَأهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ - فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ مَقَالَتَهُ الَّتِي ذكَرْنَاهَا - وَقَالَ : يَا رَسُولَ الله ! كَيْفَ لَنَا بالشُّهَدَاءِ وَنَحْنُ إذا الْتَمَسْنَاهُمْ قَضَى الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَخَرَجَ . وَكَانَ لِعَاصِمٍ هَذا ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ لَهُ عُوَيْمِرَ ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأةٌ يُقَالُ لَهَا خَوْلَةُ بنْتُ قَيْسِي ، فَأَتَى عُوَيْمِرُ عَاصِماً فَقَالَ : لَقَدْ وَجَدْتُ شُرَيْكَ بْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِ امْرَأتِي خَوْلَةَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمُعَةِ الأُخْرَى ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ مَا أسْرَعَ مَا ابْتُلِيْتُ بالسُّؤَالِ الذَِّي سَأَلْتُ فِي الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ فِي أهْلِ بَيْتِي ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " وَمَا ذاكَ ؟ " قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أخْبَرَنِي عُوَيْمِرُ أنَّهُ رَأى شُرَيْكَ بْنَ سَحْمَاء عَلَى بَطْنِ امْرَأتهِ خَوْلَةَ . وكَانَ عُوَيْمِرُ وَخَوْلَةُ وَشُرَيْكٌ كُلُّهُمْ بَنِي عَمِّ عَاصِمٍ ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بهِمْ جَمِيْعاً ، وَقَالَ لِعُوَيْمِر : " اتَّقِ اللهَ ؛ اتَّقِ الله فِي زَوْجَتِكَ وَخَلِيْلَتِكَ وَابْنَةِ عَمِّكَ فَلاَ تُعَذِّبْهَا بالْبُهْتَانِ " فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أُقْسِمُ باللهِ أنِّي رَأيْتُ شُرَيْكاً عَلَى بَطْنِهَا . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " اتَّقِ اللهَ وَأخْبريْنِي بمَا صَنَعْتِ " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ إنَّ عُوَيْمِراً رَجُلٌ غَيُورٌ ، وَإنَّهُ رَآنِي وَشُرَيْكاً نَتَحَدَّثُ ، فَحَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى مَا قَالَ " وروى عكرمةُ عن ابنِ عبَّاس : " لَمَّا نَزَل قَوْلُهُ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : وَاللهِ لَوْ أتَيْتُ لُكَاعَ وَقَدْ تَفَخَّذهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أنْ أقْتُلَهُ وَلاَ أُهَيِّجَهُ وَلاَ أُخْرِجَهُ حَتَّى آتِيَ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، وَلَمْ يَأْتِ بهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ وَيَذْهَبَ ! فَإنْ قُلْتُ بمَا رَأيْتُ ضَرَبْتُمْ ظَهْرِي ثَمَانِيْنَ جَلْدَةَ ! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَار ألاَ تَسْمَعُونَ إلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ! ؟ " قَالُوا : لاَ تَلُمْهُ فَإنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ ، مَا تَزَوَّجَ امْرَأةً قَطُّ إلاَّ بكْراً ، وَلاَ طَلَّقَ امْرَأةً فَاجْتَرَأ أحَدٌ مِنَّا أنْ يَتَزَوَّجَهَا . فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! بأَبي وَأُمي أنْتَ ، وَاللهِ إنِّي لأَعْرِفُ أنَّهَا مِنَ اللهِ وَأنَّهَا لَحَقٌّ ، وَلَكِنَّنِي عَجِبْتُ مِنْ ذلِكَ . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " واللهُ يَأْبَى إلاَّ ذلِكَ ؟ " فَقَالَ : صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ . فَلَمْ يَلْبَثُواْ إلاَّ يَسِيْراً حَتَّى جَاءَ هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةً إلَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أصْحَابهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنِّي جِئْتُ أهْلِي عِشَاءً فَوَجَدْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأتِي يَزْنِي بهَا ، رَأيْتُ بعَيْنِي وَسَمِعْتُ بأُذُنِي . فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا أتَى بهِ ، وَثَقُلَ عَلَيْهِ حَتَّى عُرِفَ ذلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَقَالَ هِلاَلُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنِّي لأَرَى الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِكَ لِمَا أتَيْتُكَ بهِ ، وَاللهُ يَعْلَمُ أنِّي لَصَادِقٌ وَمَا قُلْتُهُ إلاَّ حَقّاً ، وإنِّي لأَرْجُو أنْ يَجْعَلَ اللهُ لِي فَرَجاً ، فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَضْرِبَهُ الْحَدَّ . وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ وَقَالُواْ : ابْتُلِيْنَا بمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إلاَّ أنْ يَجْلِدَ هِلاَلاً . فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرْيْدُ أنْ يَأْمُرَ بضَرْبهِ ، إذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ، فَأَمْسَكُواْ عَنِ الْكَلاَمِ حِيْنَ عَرَفُواْ أنَّ الْوَحْيَ قَدْ نَزَلَ . فَلَمَّا فَرَغَ تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ … } إلَى آخِرِ الآيَاتِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " أبْشِرْ يَا هِلاَلُ ؛ فَإنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَ لَكَ فَرَجاً " فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أرْجُو ذلِكَ مِنَ اللهِ . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " أرْسِلُواْ إلَيْهَا " فَجَاءَتْ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : كَذبَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ هِلاَلُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا قُلْتُ إلاَّ حَقّاً وَإنِّي لَصَادِقٌ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " اللهُ يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُمَا كَاذِبٌ ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ؟ " فَقَالَ هِلاَلُ : وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا كَذبْتُ . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " لاَعِنُواْ بَيْنَهُمَا " . فَقِيْلَ لِهِلاَلِ : اشْهَدْ باللهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ إنَّكَ لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ ، فَقَالَ هِلاَلُ : أشْهَدُ باللهِ إنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ فِيْمَا رَمَيْتُهَا بهِ ، قَالَ ذلِكَ أرْبَعَ مَرَّاتٍ . فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ : " اتَّقِ اللهَ يَا هِلاَلُ ، فَإنَّ عَذابَ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ عَذاب الآخِرَةِ ، وَإنَّ عَذابَ اللهِ أشَدُّ مِنْ عَذاب النَّاسِ ، وَإنَّ هَذِهِ الْخَامِسَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكُمَا الْعَذابَ " . فَقَالَ هِلاَلُ : وَاللهِ مَا يُعَذِّبُنِي اللهُ عَلَيْهَا ، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم . فَشَهِدَ الْخَامِسَةَ أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبيْنَ فِيْمَا رَمَاهَا بهِ مِنَ الزِّنَا . ثُمَّ قِيْلَ لِلْمَرْأةِ : اشْهَدِي أنْتِ ، فَقَالَتْ أرْبَعَ مَرَّاتٍ : أشْهَدُ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ فِيْمَا رَمَانِي بهِ مِنَ الزِّنَا . فَقَالَ لَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْخَامِسَةِ : " اتَّقِ اللهَ فَإنَّ الْخَامِسَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ ، وَإنَّ عَذابَ اللهِ أشَدُّ مِنْ عَذاب النَّاسِ " فَسَكَتَتْ سَاعَةً وَهَمَّتْ بالاعْتِرَافِ ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللهِ لاَ أفْضَحُ قَوْمِي ، فَشَهِدَتِ الْخَامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِيْنَ فِيْمَا رَمَاهَا بهِ مِنَ الزِّنَا . فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا ، وَقَضَى أنَّ الْوَلَدَ لَهَا وَلاَ يُدْعَى لأَبٍ . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " وَإنْ جَاءَتْ بهِ كَذا وَكَذا فَهُوَ لِزَوْجِهَا ، وَإنْ جَاءَتْ بهِ كَذا وَكَذا فَهُوَ لِلَّذِي قِيْلَ فِيْهِ " . فَجَاءَتْ بهِ غُلاَماً أحْمَرَ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أوْرَقُ عَلَى الشَّبَهِ الْمَكْرُوهِ ، وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أمِيْراً عَلَى مِصْرَ لاَ يَدْرِي مَنْ أبُوهُ " . وعلى القولِ الأولِ أن القصةَ بين شُريك بن سَحْمَاء وعُويْمِر ؛ قَالُواْ : " أمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالْمُلاَعَنَةِ ، فَقَامَ فَقَالَ : أشْهَدُ باللهِ أنَّ خَوْلَةَ بنْتَ قَيْسٍ زَانِيَةٌ ، وَإنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ فِيْمَا رَمَيْتُهَا بهِ . فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ : أشْهَدُ باللهِ إنِّي رَأيْتُ شُرَيْكاً عَلَى بَطْنِهَا ، وَإنِّي لَمْنَ الصَّادِقِيْنَ . وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ : أشْهَدُ باللهِ إنَّهَا حُبْلَى مِنْ غَيْرِي ، وَإنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ - وَكَانَ عُوَيْمِرُ قَدِ اعْتَزَلَهَا أرْبَعَةَ أشْهُرٍ لَمْ يَقْرَبْهَا ، فَظَهَرَ بهَا الْحَمْلُ ، فَعَلِمَ أنَّهُ مِنْ وَطْئِ غَيْرِهِ - ثُمَّ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ : أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى عُوَيْمِرَ - يَعْنِي نَفْسَهُ - إنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبيْنَ فِيمَا قَالَ . فَأَمَرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالقُعُودِ وَقَالَ لِزَوْجَتِهِ : " قُومِي " فَقَامَتْ فَقَالَتْ : أشْهَدُ باللهِ مَا أنَا بزَانِيَةٍ وَأنَّ عُوَيْمِراً لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . ثُمَّ قَالَتْ فِي الثَّانِيَةِ : أشْهَدُ باللهِ أنَّهُ مَا رَأى شُرَيْكاً عَلَى بَطْنِي ، وَإنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . ثُمَّ قَالَتْ فِي الثَّالِثَةِ : أشْهَدُ باللهِ أنِّي حُبْلَى مِنْهُ ، وَإنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . ثُمَّ قَالَتْ فِي الرَّابعَةِ : أشْهَدُ باللهِ مَا رَأى عَلَيَّ فَاحِشَةً قَطُّ ، وَإنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . ثُمَّ قَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ : أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَى خَوْلَةَ - تَعْنِي نَفْسَهَا - إنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِيْنَ . فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ : " لَوْلاَ هَذِهِ الأَيْمَانُ لَكَانَ لِي فِي أمْرِهَا رَأيٌ ، وَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ " . ثُمَّ قَالَ : " إنْ جَاءَتْ بالْوَلَدِ صُهَيْباً أثَيْبَجَ يَضْرِبُ إلَى السَّوَادِ فَهُوَ لِعُوَيْمِرَ ، وَإنْ جَاءَتْ بهِ أوْرَقَ جَعْدَ جَمَالياً خَدْلَجَ السَّاقَيْنِ ، فَهُوَ لِشُرَيْكَ بْنِ سَحْمَاءَ الَّذِي رُمِيَتْ بهِ " . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَجَاءَتْ بأَشْبَهَ خَلْقِ اللهِ بشُرَيْكِ ابْنِ سَحْمَاءَ " وعنِ الضَّحاك عن ابنِ عبَّاس قَالَ : " لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } الآيَةُ ، قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ : يَا رَسُولَ اللهِ ! لَوْ وَجَدْتُ عَلَى بَطْنِ امْرَأتِي رَجُلاً ؛ فَقُلْتُ لَهَا : يَا زَانِيَةُ ؛ أتَجْلِدُنِي ثَمَانِيْنَ جَلْدَةً إلاَّ أنْ آتِيَ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءٍ ؟ ! وَإنْ مَضَيْتُ لأَرْبَعَةِ شُهَدَاءٍ قَضَى الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَمَضَى ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " هَكَذا أُنْزِلَ يَا عَاصِمُ " ، قَالَ : فَخَرَجَ سَامِعاً مُطِيْعاً ، فَلَمْ يَصِلْ إلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى اسْتَقْبَلَهُ هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ يَسْتَرْجِعُهُ ، فَقَالَ : مَا وَرَاءَكَ ؟ قَالَ : شَرٌّ ، وَجَدْتُ شُرَيْكَ بْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِ امْرَأتِي خَوْلَةُ يَزْنِي بهَا ، فَرَجَعَ مَعَهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأخْبَرَهُ بذلِكَ ، فَبَعَثَ إلِيْهَا فَجَاءَتْ . فَقَالَ لَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَا تَقُولِيْنَ ؟ " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ إنَّ شُرَيْكَ بْنَ سَحْمَاءَ كَانَ يَأْتِيْنَا ، فَنَزَلَ بنَا فَرُبَّمَا تَرَكَهُ زَوْجِي عِنْدِي وَخَرَجَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ ، فَلاَ أدْري إنَّهُ الآنَ أدْرَكَتْهُ الْغَيْرَةُ ؛ أمْ بَخِلَ عَلَيَّ بالطَّعَامِ ؟ ! فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ اللِّعَانِ { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } . فَأَقَامَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعَصْرِ ، وَقَالَ : " يَا هِلاَلُ ! أنْتَ الشَّاهِدُ أنَّكَ رَأيْتَهَا تَزْنِي " فَقَالَ : أشْهَدُ باللهِ رَأيْتُهُ عَلَى بَطْنِهَا يَزْنِي بهَا وَإنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ ، مَا قَرُبْتُهَا مُنْذُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ ، وَإنَّ حَمْلَهَا هَذا الَّذِي فِي بَطْنِهَا مِنْ شُرَيْكِ بْنِ سَحْمَاءَ ، وَإنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ . أشْهَدُ باللهِ مَا بَرِئَتْ مِنْهُ وَلاَ بَرِئَ مِنْهَا ، وَإنِّي لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ … إلَى أنْ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ : أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبيْنَ فِيْمَا رَمَاهَا بهِ مِنْ ذلِكَ . فَقَالَ الْقَوْمُ : آمِيْنَ . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " يَا خَوْلَةُ وَيْحَكِ ! إنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذنْبٍ فَأَقِرِّي بهِ ، فَإنَّ الرَّجْمَ بالْحِجَارَةِ فِي الدُّنْيَا أيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَب اللهِ فِي الآخِرَةِ ، وَإنَّ غَضَبَهُ عَذابَهُ " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ كَذبَ . فَأقَامَهَا مَقَامَهُ ، فَقَالَتْ : أشْهَدُ باللهِ مَا أنَا زَانِيَةٌ ، وَأنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ ، مَا رَآهُ عَلَى بَطْنِي . أشْهَدُ باللهِ لَقَدْ بَرِئْتُ مِنَ الزِّنَا وَبَرِئَ شُرَيْكُ بْنُ سَحْمَاءَ مِنِّي ، وَإنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . أشْهَدُ باللهِ لَقَدْ قَرُبَنِي مُنْذُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وَإنَّ مَا فِي بَطْنِي لِهِلاَل ، وَإنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبيْنَ . وَقَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ : أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِيْنَ . ثُمَّ فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ : " الْمُتَلاَعِنَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ أبَداً " " .