Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 5-5)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } ؛ أي نَدِمُوا على قَذْفِهم وعَزَمُوا على تركِ الْمُعَاوَدَةِ { وَأَصْلَحُواْ } ؛ أعمالَهم فيما بينَهم وبين ربهم ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } ؛ لِمَن تابَ منهم ، { رَّحِيمٌ } ؛ لِمَن ماتَ على التوبةِ . قال ابنُ عبَّاس : ( هَذا الاسْتِثْنَاءُ لاَ يَرْجِعُ إلَى الشَّهَادَةِ ، وَإنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْفِسْقِ ) . وَقِيْلَ : إنَّ توبتَهُ فيما بينه وبينَ اللهِ مقبولةٌ ، وأما شهادتهُ فلا تقبلُ أبداً ، وهو قولُ شُريحٍ والحسن وإبراهيمَ ، وإلى هذا ذهبَ أبو حنيفةَ وأصحابهُ . وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى أن الاستثناءَ راجعٌ إلى الفسقِ وإلى ردِّ الشهادةِ ، ويكون معنى قولهِ تعالى ( أبَدَاً ) ما دامَ على القذفِ ولَم يَتُبْ عنهُ . وأجْمَعُوا جميعاً أنَّ هذا الاستثناءَ لا يرجعُ إلى الْجَلْدِ ، وذلك يقتضي أن يكونَ مَقْصُوراً على ما يَلِيْهِ وهو الفسقُ . وأجْمَعُوا أن المقذوفةَ إذا ماتت ولَم تُطالِبْ بحدِّ القذفِ ولَم يُحَدَّ القاذفُ ثُم تابَ ، فإنهُ يجوز قَبولُ شهادتهِ ؛ لأن على أصْلِنا أنَّ الحاكمَ إذا أقامَ الحدَّ على القاذفِ فكذبَهُ وأبطلَ حينئذٍ شهادتَهُ ، ولو جُعِلَ بطلانُ الشهادةِ حُكماً معلقاً بتسمية الفسق ولم يجعل حكماً على حالهِ مرتَّباً على الجلدِ لبطُلَتْ فائدةُ قولهِ { وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً } [ النور : 4 ] من كتاب الله ؛ لأن كلَّ فاسقٍ لا تقبلُ شهادتهُ إلاّ بعد توبتهِ عن الفسقِ .