Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 23-23)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } ؛ واسْمُها بلقيسُ بنتُ الشَّرْحِ ، وَقِيْلَ : شِراحيلُ بن ذي جَدَن ، وكان مَلِكاً عظيمَ الشَّأنِ ، وكان قد مَلَكَ أرضَ اليمنِ كلِّها ، وكان يقولُ لِمُلوكِ الآفاقِ : ليس أحدٌ منكم كُفْؤٌ لِي ، وأبى أن يتزوج منهم ، فزوَّجُوهُ امرأةً من الجنِّ يقالُ لَها : ريحانة بنتُ السكن ، فولدت بَلْقِيْسَ ، ولَم يكن لهُ ولدٌ غيرَها . وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " كَانَ أحَدُهُمْ يُؤْتَى بَلْقِيْسَ جِنِّيّاً " فَلَمَّا مَاتَ أبُوهَا وَلَمْ يُخَلِّفْ أحَداً غَيْرَهَا طَمِعَتْ فِي الْمُلْكِ ، فَطَلَبَتْ مِنْ قَوْمِهَا أنْ يُبَايعُوهَا ، فَأَطَاعَهَا قَوْمٌ وَعَصَاهَا قَوْمٌ آخَرُونَ ، وَاخْتَارُواْ عَلَيْهَا رَجُلاً فَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ ، فَافْتَرَقُواْ فِرْقَتَيْنِ ، كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ اسْتَوْلَتْ بمُلْكِهَا عَلَى طَرَفٍ مِنْ أرْضِ الْيَمَنِ . ثُمَّ إنَّ هَذا الْمَلِكَ الَّذِي مَلَّكُوهُ أسَاءَ السِّيْرَةَ فِي أهْلِ مَمْلَكَتِهِ حَتَّى كَانَ يَمُدُّ يَدَهُ إلَى حُرَمِ رَعِيَّتِهِ وَيَفْجُرُ بهِنَّ ، فَأَرَادَ أصْحَابُهُ أنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُواْ ، فَلَمَّا رَأتْ بَلْقِيْسُ ذلِكَ أدْرَكَتْهَا الْغَيْرَةُ ، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ ، فَأَجَابَهَا إلَى ذلِكَ ، وَقَالَ : مَا مَنَعَنِي أنْ أبْدَأكِ بالْخِطْبَةِ إلاَّ الْيَأْسُ مِنْكِ ، فَقَالَتْ : إنِّي رَاغِبَةٌ إلَيْكَ لأَنَّكَ كُفْؤٌ كَرِيْمٌ ، فَاجْمَعْ رجَالَ قَوْمي فَاخْطِبْنِي إلَيْهِمْ ، فَجَمَعَهُمْ فَخَطَبَهَا إلَيْهِمْ فَقَالُواْ : لاَ نَرَاهَا تَفْعَلُ هَذا ، قَالَ : إنَّهَا هِيَ الَّتِي ابْتَدَأتْنِي ، فَذكَرُواْ لَهَا ذلِكَ ، فَقَالَتْ : نَعَمْ ؛ لأَجْلِ الْوَلَدِ ، وَلَمْ أزَلْ كُنْتُ كَارهَةً لِذلِكَ ، فَالآنَ قَدْ رَضِيْتُ ، فَزَوَّجُوهَا مِنْهُ . فَلَمَّا زُفَّتْ إلَيْهِ خَرَجَتْ فِي نَاسٍ كَثِيْرٍ مِنْ خَدَمِهَا وَحَشَمِهَا ، فَلَمَّا جَاءَتْهُ سَقَتْهُ الْخَمْرَ حَتَّى سَكِرَ ، ثُمَّ حَزَّتْ رَأسَهُ وَانْصَرَفَتْ مِنَ اللَّيْلِ إلَى مَنْزِلِهَا ، فَلَمَّا أصْبَحَ رَأوا الْمَلِكَ قَتِيْلاً وَرَأسُهُ مَنْصُوباً عَلَى رَأسِ دَارهَا ، فَعَلِمُواْ أنَّ تِلْكَ الْمُنَاكَحَةَ كَانَتْ مَكْراً وَخَدِيْعَةً مِنْهَا ، فَاجْتَمَعُواْ إلَيْهَا وَقَالُواْ لَهَا : أنْتِ أحَقُّ بهَذا الْمُلْكِ مِنْ غَيْرِكِ ، فَقَالَتْ : لَوْلاَ الْعَارُ وَالشَّنَارُ مَا قَتَلْتُهُ ، وَلَكِنْ عَمَّ فَسَادُهُ وَأَخَذتْنِي الْحَمِيَّةُ حَتَّى فَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ ، فَمَلَّكُوهَا فَأَسَّسَتْ أمْرَهَا . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } ؛ قال عطاءُ : ( مِنْ زيْنَةِ الدُّنْيَا مِنَ الْمَالِ وَالْجُنُودِ ) ، { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } ، أي سريرٌ من ذهَبٍ طولهُ ثَمانونَ ذِرَاعاً وعَرْضُهُ أربعونَ ذِراعاً وارتفاعهُ في السَّماء ثلاثونَ ذِراعاً مضروبٌ بالذهب مُكَلَّلٌ بالدُّرِّ والياقوتِ الأحمرِِ والزُّبُرْجُدُ الأخضرُ . قال مجاهدُ : ( وَكَانَ تَحْتَهَا اثْنَا عَشَرَ ألْفَ قَيْلٍ - وَالْقَيْلُ بلُغَةِ الْيَمَنِ - تَحْتَ يَدَي كُلِّ قَيْلٍ ألْفُ مُقَاتِلٍ ) . وَقِيْلَ : كان سريرُها له أربعُ قوائمَ : قائمةٌ من ياقوتٍ أخضر ، وقائمةٌ من ياقوتٍ أحمر ، وقائمةٌ من زمُرُّد ، وقائمةٌ من دُرٍّ ، وصفائحُ السريرِ من ذهبٍ ، وعليه سبعةُ أبياتٍ لكلِّ بيتٍ بابٌ مغلَقٌ .