Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 87-87)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( يَعْنِي النَّفْخَةَ الأُوْلَى ؛ وَهِيَ نَفْخَةُ الصَّعْقِ ) { فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } ؛ أي مَاتُوا من شدَّةِ الخوفِ كقولهِ تعالى { فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } [ الزمر : 68 ] ، والمعنى : بَلَغَ منهم الفزعُ إلى أنْ يَمُوتُوا . وقولهُ : { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( يُرِيْدُ الشُّهَدَاءَ وَهُمْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبهِمْ يُرْزَقُونَ ) ، وقال الكلبيُّ ومقاتل : ( يَعْنِي جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ وَإسْرَافِيْلَ وَمَلَكَ الْمَوْتِ ) . وقولهُ تعالى : { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } ؛ أي كلُّ الخلائقِ يَأْتُونَ إلى موضعِ الْجَزَاءِ أذلاَّء صَاغِرِيْنَ . وأمَّا النفخةُ الثانية فتسَمَّى نفخةُ البَعْثِ ، وبينَهما أربعون سَنة . ويقالُ : ينفخُ في الصُّور ثلاثَ نفخاتٍ ؛ الأُولَى : نفخةُ الفَزَعِ ، والثانية : نفخةُ الصَّعْقِ وهو الموتُ ، والثالثةُ : نفخةُ الْقِيَامِ لرَب العالَمِين . وعن عبدِالله بنِ عمرَ قال : " جَاءَ أعْرَابيٌّ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهُ عَنِ الصُّور ، فَقَالَ : " هُوَ قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيْهِ " وقالَ مجاهدُ : ( هُوَ كَهَيْئَةِ الْبُوقِ ) . وعن أبي هريرةَ قال : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " " لَمَّا فَرَغَ اللهُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، خَلَقَ الصُّورَ ، فَأَعْطَاهُ إسْرَافِيْلَ ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيْهِ شَاخِصٌ يُبْصِرُ نَحْوَ الْعَرْشِ ، يَنْظُرُ مَتَى يُؤْمَرُ " قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ! وَمَا الصُّورُ ؟ قَالَ : " هُوَ قَرْنٌ " قُلْتُ : كَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " عَظِيْمٌ ، وَالَّّذِي بَعَثَنِي بالْحَقِّ إنَّ عِظََمَ دَائِرَةٍ فِيهِ كَعِظَمِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . فَيَنْفُخُ ثَلاَثَ نَفْخَاتٍ ؛ النَّفْخَةُ الأُوُلَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ ، وَالنَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ ، وَالنَّفْخَةُ الثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَب الْعَالَمِيْنَ . فَيَأْمُرُ اللهُ إسْرَافِيْلَ بالنَّفْخَةِ الأُوُلَى ، فَيَقُولُ لَهُ : انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ ، فَيَفْزَعُ مِنْهَا أهْلُ السَّمَاواتِ وَأهْلُ الأَرْضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ وَيَأْمُرُهُ أنْ يَمُدَّهَا وَيُطِيْلَهَا وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللهُ { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } ، وَيُسَيِّرُ اللهُ الْجِبَالَ فَتَمُرُّ مَرَّ السَّحَاب فَتَكُونُ سَرَاباً ، وَتُرَجُّ الأَرْضَُ بأَهْلِهَا رَجّاً ، فَتَكُونُ كَالسَّفِيْنَةِ الْمُوثَقَةِ فِي الْبَحْرِ ، تَضْرِبُهَا الأَمْوَاجُ وَتُلْقِيْهَا الرِّيَاحُ ، وَكَالْقِنْدِيْلِ الْمُعَلَّقِ تَرُجُّهُ الرِّيَاحُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } فَتَمِيْدُ الأَرْضُ بالنَّاسِ عَلَى ظَهْرِهَا ، فَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ ؛ وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ ؛ وَيَشِيْبُ الأَطْفَالُ ، وَتِطِيْرُ الشَّيَاطِيْنُ هَاربَةً مِنَ الْفَزَعِ ، حَتَّى تَأْتِي الأَقْطَارَ فَتَلْقَاهَا الْمَلاَئِكَةُ فَتَضْرِبُ وَجُوهَهَا فَتَرْجِعُ ، وَتُوَلِّي النَّاسُ مُدْبرِيْنَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى { يَوْمَ ٱلتَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } . فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ ؛ إذْ تصَدَّعَتِ الأَرْضُ ، وَتَصِيْرُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ، وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَنْشُرُ نُجُومَهَا وَتَكْسِفُ شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا . ثُمَّ يَأْمُرُ اللهُ إسْرَافِيْلَ أنْ يَنْفُخَ نَفْخَةَ الصَّعْقِ ، فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ " " . وَقَوْلُهُ تعالى : { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } ، قرأ الأعمشُ وحمزة وخلَف ( أتَوْهُ ) مقصُوراً على الفعل بمعنى جَاءوهُ . وقرأ الباقونَ بالمدِّ وضَمِّ التاء ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { دَاخِرِينَ } أيْ صَاغِرِيْنَ .