Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 105-106)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } ؛ أي ولا تكونُوا كاليهودِ والنصارى الذين اختلفُوا فيما بينَهم وصارُوا فِرَقاً وشِيَعاً ، { مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } الكتابُ في أمرِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؛ { وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ؛ على تفرِيقِهم واختلافِهم . قالَ بعضُهم : لاَ تَكُونُوا كالَّذِيْنَ تفرَّقوا واختلفُوا ، قال : وهُمُ الْمُبْتَدِعَةُ من هذه الأُمَّة . ثم بَيَّنَ اللهُ تعالى وقتَ العذاب العظيم الذي يصيبُهم ؛ فقالَ تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } ؛ معناهُ : { وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } وهو يومُ القيامةِ ، وانتصبَ على الظَّرف أي فِي يومِ . قرأ يحيى بن وثَّاب : ( تِبْيَضُّ ) ( وَتِسْوَدُّ ) بكسرِ التَّاء على لُغة تَميم . وقرأ الزهريُّ ( تَبْيَاضُّ ) و ( تَسْوَادُّ ) . ومعنى الآيةِ : تَبْيَضُّ وجوهُ المخلصينَ للهِ بالتوحيدِ ؛ أي تُشْرِقُ فتصيرُ كالثَّلج بَيَاضاً والشَّمس ضياءً ، وَتَسْوَدُّ وجوهُ الكفَّار والمنافقين من الْحُزْنِ حين يُدْعَوْنَ إلى السُّجودِ فلا يستطيعونَ . وعن ابنِ عبَّاس قال : ( مَعْنَاهُ : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهُ أهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أهْلِ الْبدْعَةِ ) . وقال بعضُهم : البياضُ مِنَ الوجوهِ إشْرَاقُهَا وَاسْتِبْشَارُهَا وسُرُورُهَا بعمَلِها وبثواب الله ، وَاسْوِدَادُهَا لِحُزْنِهَا وَكَآبَتِهَا وكُسُوفِهَا بعمَلِهَا وبعقاب ربها . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } ؛ جوابهُ محذوفٌ ؛ أي يقالُ لَهُم : { أكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيْمَانِكُمْ } قيلَ : هم قومٌ من أهلِ الكتاب كانوا مصدِّقين بأنبيائِهم مصدِّقينَ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قبلَ أن يُبعث ، فلما بُعِثَ كَفَرُوا به ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } . وقيلَ : هم مَن كفرَ باللهِ يومَ الميثاقِ حين أْخُرِجُواْ من صُلْب آدَمَ عليه السلام . وقيل : هُمُ الخوارجُ وأهلُ البدَعِ كلِّها ، وقيل : هم أهْلُ الرَّدَّةِ .