Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 118-118)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وَجَلَّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً } ؛ نزلتِ الآيةُ في الأنصار ؛ كانوا قد ظَاهَرُوا اليهودَ حتى صارَ كأنَّ بينَهم نَسَباً ، وكانوا يواصلونَهم ويُعاطِفونَهم حتى كان الرجلُ من الأنصار يتزوَّج فيهم فيختارُهم على قومهِ ، فلما جَاءَ اللهُ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والإسلامُ وآمَنَ الأنصارُ بغَضَهُمْ اليهودُ ، وكان الأنصارُ يُخالطونَهم ويُشاورونَهم ، كما كانوا يفعلونَ قبلَ الإسلام للرِّضاعة والمصاهرةِ التي كانت بينهم ، فنهَى اللهُ الأنصارَ بهذه الآيةِ وما بعدَها . ومعناهَا : لا تتَّخِذُوا دَخَلاً من غيرِكم يعني اليهودَ . وبطَانَةُ الرَّجُلِ : خَاصَّتُهُ وأهلُ سِرِّهِ الذينَ يَسْتَبْطِنُونَ أمْرَهُ ، سُمُّوا بذلك على جهةِ التَّشَبُّهِ ببطانةِ الثَّوب التي تَلِي جِلْدَ الإنسان . وحرفُُ { مِنْ } في قوله : { مِّن دُونِكُمْ } لِلتَّبْييْنِ ؛ أي لا تتَّخذوا الذينَ هم أسافلُ وأراذلُ بطَانَةً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً } أي لا يُبْقُونَ غايةً ، ولا يتركُونَ الجهدَ في إلقائِكم في الفسادِ ، يقالُ : مَا ألَوْتُ فِي الْحَاجَةِ جُهْداً ؛ أي ما قَصَّرْتُ ، ونصبَ { خَبَالاً } على المفعول الثانِي ؛ لأنه يتعدَّى إلى مفعولين ، وإن شئتَ على المصدر ، وإن شئتَ بنَزع الخافضِ ؛ أي بالْخَبَالِ . وَالْخَبَالُ : الْفَسَادُ ، ومثلهُ الْخَبَلُ أيضاً ؛ يقالُ : رَجُلٌ خَبَلُ الرَّأيِ ؛ فَاسِدُ الرَّأي ؛ والانْخِبَالُ : أي الْجُنُونُ . وقال مجاهدُ : ( نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مُؤْمِنِيْنَ كَانُوا يُصَافِحُونَ الْمُنَافِقِيْنَ ويُخَالِطُوهُمْ ؛ فَنَهَاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذلِكَ ) . قوله عزّ وَجَلَّ : { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ } ؛ أي تَمَنُّوا إثْمَكُمْ وَضُرَّكُمْ وَهَلاَكَكُمْ ، والعَنَتُ في اللُّغة : الْمَشَقَّةُ ، يقالُ : أكَمَةٌ عَنُوتٌ ؛ أي طويلةٌ شاقَّةُ المسلَكِ . وقرأ عبدُالله : ( قَدْ بَدَأ الْبَغْضَاءُ مِنْ أفْوَاهِهِمْ ) بالتذكير ؛ لتقدُّم الفعلِ ؛ ولأن معنى الْبَغْضَاءِ : الْبُغْضَ . قوله تعالى : { قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } ؛ أي قد ظَهَرَتِ العداوةُ من ألسنَتِهم بالشَّتم والطَّعنِ ، { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } ؛ أي وما يُضْمِرُونَ في قلوبهم من القتلِ لو ظَفَّرُوا بكم أعْظَمُ مِمَّا أظهرُوا لكم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ } ؛ أي أخبرنَاكم بما أخْفَوا وأبْدَوا بالدلالاتِ والعلاَماتِ ، { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } ؛ الْعَدُوَّ مِنَ الْوَلِيِّ .