Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 13-13)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } ؛ أي قد كانَ لكم أيها اليهودُ عبرةً ، ويقال : أيُّها الكفارُ على صدقِ ما أقولُ لكم في فرقتين الْتَقَتَا يومَ بدر ؛ فرقةٌ تقاتلُ في سبيلِ الله ؛ أي في طاعةِ الله وهُمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه ثلاثُمائة وثلاثةَ عَشَرَ رجُلاً ، سبعةٌ وسبعون رجلاً من المهاجرين ، ومائتان وستَّةٌ وثلاثون من الأنصار ، وكان صاحبُ رايةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرينَ عليٌّ رضي الله عنه ، وصاحبُ راية الأنصار سعدُ بن عبادةَ ، وكان جملةُ الإبل التي في جيشِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ سبعين بعيراً ، والخيلِ فرسَين ؛ فرسِ المقداد وفرس مَرْثَدَ بن أبي مرثدٍ ، وقيل : فرسُ عليٍّ ، وكان معهم من السِّلاح ستةَ أدرُع وثَمانيةَ سُيُوف ، وجميعُ من استشهدَ من المسلمين أربعةَ عشر رجُلاً ، ستَّة من المهاجرين ، وثَمانية من الأنصار . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ } أي فرقةٌ أخرى كافرةٌ ؛ وهم كفارُ مكةَ سبعمائة وخمسونَ رجُلاً مقاتلين ، ورئيسُهم يومئذ عُتْبَةُ بن ربيعةَ ، وكانت خَيْلُهُمْ مائةَ فرسٍ ، وكانت حربُ بدرٍ أوَّلَ مَشْهَدٍ شهدَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } مَن قرأ بالياءِ ؛ فالمعنى ترَى الفئةُ المؤمنة الفئةَ الكافرة مثليهم ظاهرَ العينِ ؛ أي ظَنَّ المسلمونَ أن المشركينَ ستمائة ونيِّف ، وإنَّهم يغلبوا المشركين كما وعدَهم اللهُ بقوله : { فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } [ الأنفال : 66 ] قَلَّلَ اللهُ المسلمين في أعيُنِ المشركين ، والمشركينَ في أعين المسلمينَ حتى اقتَتَل الفريقان كما قالَ الله تعالى : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ } [ الأنفال : 44 ] ثم قذفَ الله الرُّعْبَ في قلوب الكَفَرَةِ حتى انْهزموا بكفٍّ من ترابٍ أخذه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فرماه في وجوههم وقال : [ شَاهَتِ الْوُجُوهُ ] . ومن قرأ ( تَرَوْنَهُمْ ) بالتاء فهو خطابٌ لليهودِ ، يعني يرَون كفارَ مكة قريشاً والمؤمنينَ رَأَيَ العينِ ، فإن قيل لِمَ قال { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ } ولم يَقُلْ قد كانت والآية مؤنَّثة ؟ قيلَ : لأنَّهُ ردَّها إلى البيانِ ، أي قد كانَ بيانُ ، فذهبَ إلى المعنى وترك اللَّفظ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } قرأ أبو رجاء والحسنُ وشيبةُ ونافع ويعقوب بالتَّاء ، وقرأ الباقون بالياءِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ } ؛ أي يُقَوِّي ويُشْدِدُ بقوَّته من يشاءُ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } ؛ أي في غلبَةِ المؤمنين للمشركين مع قلَّة المؤمنين وشوكةِ المشركين ، { لَعِبْرَةً } لذوي الأبصار في الدينِ ؛ أي لِذوي بصارةِ القلوب ، ويجوزُ أن يكون معناه : لعبرةً لمن أبصرَ الجيشَ الجمعين بعينهِ يومئذ ، وفي قوله تعالى : { فِئَةٌ } قِراءتان ، مَن قرأها بالرفعِ فعلى معنى : إحداهُما فئةٌ تُقَاتِلُ ، ومَن قرأها بالخفضِ فعلى البدلِ من فئتين ، كما قال الشَّاعرُ :