Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 172-172)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } ؛ يجوزُ أن يكونَ أوَّلُ هذه الآيةِ في موضعِ الخفض على النَّعْتِ للمؤمنين ، والأحسنُ أن يكونَ في موضع الرّفعِ على الابتداءِ أو خبرُه للذين أحسنوا . ومعنى الآيةِ : الذينَ أجابُوا اللهَ بالطاعة والرسولَ بالخروجِ إلى بدرٍ الصُّغرى من بعدِ ما أصابَهم الْجِرَاحُ ؛ { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ } ؛ أي وَافَوا الميعادَ ، { وَٱتَّقَواْ } ؛ سَخْطَ اللهِ ومعصيتَهُ ، { أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، لهم ثَوَابٌ وَافِرٌ فِي الجنَّة . قال ابنُ عباس : " وَذلِكَ أنَّهُمْ تَوَاعَدُواْ يَوْمَ أُحُدٍ أنْ يَجْتَمِعُواْ ببَدْرٍ الصُّغْرَى فِي الْعَامِ الْقَابلِ ، فَلَمَّا حَضَرَ الأَجَلُ نَدِمَ الْمُشْرِكَونَ ، فَلَقِيَ أبُو سُفْيَانَ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ ؛ وَكَانَ يَخْرُجُ إلَى الْمَدِيْنَةِ لِلتِّجَارَةِ ؛ فَقَالَ : إذا أتَيْتَ الْمَدِيْنَةَ فَخَوِّفْهُمْ كَيْلاَ يَخْرُجُوا وَلَكَ عَشْرٌ مِنَ الإبلِ إنْ رَدَدْتَهُمْ ، فَلَمَّا قَدِمَ نُعَيْمُ إلَى الْمَدِيْنَةِ ؛ وَكَانَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ يُرِيْدُونَ مَوَافَاةَ أبي سُفْيَانَ ؛ قَالَ : بئْسَ الرَّأيِ رَأيْتُمْ ، أتَوْكُمْ فِي دِيَارِكُمْ وَقَرَارِكُمْ ، وَلَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهُمْ إلاَّ الشَّرِيْدُ ؛ تُرِيْدُونَ أنْ تَأَتُوهُمْ فِي دِيَارهِمْ وَقَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ، أمَا إنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يُطِيْقُ عَشْرَةً مِنْكُمْ ، إذاً وَاللهِ مَا يَنْفَلِتُ مِنْكُمْ إلاَّ الشَّرِيْدُ . فَكَرِهَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الخُرُوجَ إلَيْهِمْ وتَثَاقَلُواْ ، فَلَمَّا رَأى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلِكَ مِنْهُمْ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لأَخْرُجَنَّ إلَيْهِمْ ، وإنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعِي مِنْكُمْ أحَدٌ " فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلمِيعَادِ ، وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ وَعَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ وَأبُو عُبَيْدَةَ فِي سَبْعِيْنَ رَجُلاً حتى انْتَهَوا إلَى بَدْرٍ ؛ فَلَمْ يَخْرُجْ أبُو سُفْيَانَ وَلَمْ يَلْقَوا بهَا أحَداً مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ ، فَتَسَوَّقُوا مِنَ السُّوقِ حَاجَتَهُمْ ثُمَّ انْصَرَفُواْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } " قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها لِعَبْدِاللهِ بْنِ الزُّبَيْرٍ : ( يَا ابْنَ أخْتِي ؛ أمَا وَاللهِ إنَّ أبَاكَ وَجَدَّكَ - تَعْنِي أبَا بَكْرٍ - لَمِنَ الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ فِيْهِمْ { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآيَةُ ) .