Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 17-17)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } ؛ { ٱلصَّابِرِينَ } في موضع خفض بدلٌ من { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } . وذهب بعضُهم إلى { ٱلصَّابِرِينَ } نُصِبَ بالمدحِ . ومعنى الآية : { ٱلصَّابِرِينَ } على طاعَة اللهِ وعلى الشدائدِ والمصائب وعلى ارتكَاب النَّهي وعلى البأسَاء والضرَّاء ، { وَٱلصَّادِقِينَ } في إيمانِهم وأقوالِهم وأفعالِهم ، فإنَّ الصدقَ قد يقعُ في القول كما يقعُ في الفعلِ ، يقالُ : صَدَقَ فلانٌ في القتالِ ، وصَدَقَ في الجملةِ أي حَقَّقَ . قال قتادةُ في تفسير الصَّادِقِينَ : ( هُمْ قَوْمٌ صَدَقَتْ نِيَّاتُهُمْ وَاسْتَقَامَتْ قُلُوبُهُمْ وَألْسِنَتُهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ ) . { وَٱلْقَانِتِينَ } أي القائمينَ بعبادةِ الله المطيعين ، { وَٱلْمُنْفِقِينَ } يعني في طاعَة اللهِ . وقوله : { وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } قال قتادةُ : ( أرَادَ بهِ الْمُصَلِّيْنَ بالأَسْحَار ) قال أنسُ بن مالك : ( أرَادَ بهِ السَّائِلِيْنَ الْمَغْفِرَةَ بالأسْحَار ) ، وقال الحسنُ : ( انْتَهَتْ صَلاَتُهُمْ إلَى وَقْتِ السَّحَرِ ؛ ثُمَّ كَانَ بَعْدَهَا الاسْتِغْفَارُ ) ، وعن إبراهيمَ بنِ حاطبٍ عن أبيه قالَ : ( سَمِعْتُ صَوْتاً فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ سَحَراً يَقولُ : إلَهِي دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُكَ ؛ وأَمَرْتَنِي فَأَطْعْتُكَ ؛ وَهَذا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي . فَنَظَرْتُ فَإذا هُوَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ) . روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " ثَلاَثَةُ أصْوَاتٍ يُحِبُّهُمُ اللهُ : أصْوَاتُ الدِّيَكِ ، وَصَوْتُ الَّذِي يَقْرَأ الْقُرْآنَ ، وَصَوْتُ الْمُسْتَغْفِرِيْنَ بالأسْحَارِ " وروي أنَّ داودَ رضي الله عنه سَأَلَ جِبْرِيْلَ : أيُّ اللَّيْلِ أفْضَلُ ؟ فَقَالَ : لاَ أدْري إلاَّ أنَّ الْعَرْشَ يَهْتَزُّ فِي وَقْتِ السَّحَرِ . وقال سفيانُ الثوريُّ : ( إنَّ للهِ ريْحاً يُقَالُ لَهَا الصُّبْحَةُ تَهُبُّ وَقْتَ السَّحَرِ ؛ تَحْمِلُ الأذْكَارَ وَالاسْتِغْفَارَ إلَى الْمَلِكِ الْجَبَّار ) ، وقال : ( بَلَغَنَا أنَّهُ إذا كَانَ أوَّلُ اللَّيْلِ نَادَى مُنَادٍ : إلاَ لِيَقُمِ الْعَابدُونَ ، فَيَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ فِي شَطْرِ اللَّيْلِ : ألاَّ لِيَقُمِ الْقَانِتُونَ ، فَيَقُومُونَ كَذِلِكَ فَيُصَلُّونَ ، فَإذا كَانَ السَّحَرُ نَادَى مُنادٍ : أيْنَ الْمُسْتَغْفِرُونَ ؟ فِيَسْتَغْفِرُ أُوْلَئِكَ ؛ فَإذا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى مُنَادٍ : ألاَ لِيَقُمِ الْغَافِلُونَ ؛ فَيَقُومُونَ مِنْ فِرَاشِهِمْ كَالْمَوْتَى إذا نُشِرُوا مِنْ قُبُورهِمْ ) . وقال لُقمان لابنهِ : ( يَا بُنَيَّ لاَ يَكُونَنَّ الدِّيْكُ أكْيَسَ مِنْكَ ؛ يُنَادِي بالأسْحَارِ وَأَنْتَ نَائِمٌ ) . والسَّحَرُ : هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .