Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 1-2)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابنُ عبَّاس معناه : ( أنَا اللهُ أعْلَمُ ) ، ويقال : هو قَسَمٌ أقْسَمَ اللهُ بأنه واحدٌ لا شريكَ له ولا معبودَ للخلقِ سواهُ ، وقد تقدَّم تفسيرُ الحروف المقطَّعة في أولِ سورة البقرَة . قال أنسُ رضي الله عنه : " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ وَكَانُواْ سِتِّينَ رَاكِباً قَدِمُواْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيْهِمْ أرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أشْرَافِهِمْ ، وَفِي الأَرْبَعَةَ عَشَرَ ثَلاَثَةٌ يَؤُولُ أمْرُهُمْ إلَيْهِمْ : الْعَاقِبُ أمِيْرُ الْجَيْشِ وَصَاحِبُ مَشُورَتِهِمْ الَّذِيْ لاَ يَصْدُرُونَ إلاّ عَنْ رَأْيهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَسِيْحِ ، وَالثَّانِي : اسْمُهُ الأَيْهَمُ صَاحِبُ رَحْلِهِمْ ، وَأبُو حَارثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ إمَامُهُمْ وَصَاحِبُ مَدَارسِهِمْ ، وَكَانَ قَدْ دَرَسَ كُتُبَهُمْ حَتَّى حَسُنَ عِلْمُهُ فِيْهِمْ فِي دِيْنِهِمْ . فَدَخَلُواْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِهِ وَقْتَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَعَلَيْهمْ ثِيَابُ الْحِبَرَاتِ ؛ جُبَبٌ وَأرْدِيَةٌ ، فَقَامُواْ وَأقْبَلُواْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَوَجَّهُواْ إلى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْعَاقِب وَالأَيْهَمِ : " أسْلِمَا " . فَقَالاَ : قَدْ أسْلَمْنَا قَبْلَكَ ، فَقَالَ : " كَذَبْتُمَا ، يَمْنَعُكُمَا عَنِ الإسْلاَمِ دَعْوَاكُمَا للهِ وَلَداً وَعِبَادَتِكُمَا الصَّلِيْبَ وأكْلِكُمَا الْخِنْزِيْرَ " قَالاَ : فَإنْ لَمْ يَكُنْ وَلَداً للهِ فَمَنْ أبُوهُ ؟ وَخَاصَمُوهُ جَمِيْعاً فِي عِيْسَى عليه السلام ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ لاَ يَكُونُ وَلَداً إلاَّ وَهُوَ يُشْبهُ أبَاهُ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قَالَ : " ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنَا حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، وَأنَّ عِيْسَى يَأْتِي عَلَيْهِ الْفَنَاءُ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قال : " ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنَا قَيِّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَحْفَظُهُ وَيَرْزُقُهُ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قَالَ : " فَهَلْ يَمْلِكُ عِيْسَى مِنْ ذلِكَ شَيْئاً ؟ " قَالُواْ : لا ، قَالَ : " ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قَالَ : " فَهَلْ يَعْلَمُ عِيْسَى مِنْ ذلِكَ شَيْئاً غَيْرَ مَا عَلَّمَهُ اللهُ ؟ " قَالُواْ : لاَ ، قَالَ : " فَإنَّ رَبَّنَا صَوَّرَ عِيْسَى فِي الرَّحِمِ كَيْفَ شَاءَ ، وَرَبُّنَا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ وَلاَ يُحْدِثُ ، ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ ذلِكَ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قَالَ : " ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ عِيْسَى حَمَلَتْهُ أمُّهُ كَمَا تَحْمِلُ النَّاسَ الْمَرْأةُ ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ كَمَا تَضَعُ الْمَرْأةُ ، ثُمَّ غُذِّيَ كَمَا يُغَذى الصَّبيُّ ، فَكَانَ يَطْعَمُ وَيَشْرَبُ وَيُحْدِثُ ؟ " قَالُواْ : بَلَى ، قَالَ : " فَكَيْفَ يَكُونُ هَذا كَمَا زَعَمْتُمْ ؟ " فَسَكَتُواْ . " فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيْهِمْ أوَّلَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إلى بضْعٍ وَثَمَانِيْنَ آيَةً فِيْهَا ) . فقالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { الۤمۤ * ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } الحيُّ : هو الدائمُ الذي لا ندَّ لهُ ، الذي لا يَموت ولا يزولُ ، والقيُّومُ : القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبَت . وأكثرُ القُرَّاء على فتحِ الميم من ( الم ) وللفتحِ وجهَانِ ؛ أحدُهما : أنهُ لَمَّا كانت الميمُ بعدَ ياء ساكنة استثقلوا فيها السكونَ فحرَّكوها إلى الفَتحِ ؛ لأنَّ ذلك أخفُّ نَحْوُ : أيْنَ وكَيْفَ . والثانِي : أنهُ ألْقِيَ عليها فتحةُ الهمزةِ من ألفِ ( الله ) وهذا جائزٌ في الهجاء وإنْ كان لا يجوزُ مثله في الكلامِ الموصول من حيثُ إنَّ حروفَ الهجاء مبنيةٌ على الوقفِ ، ومَن قرأ بتسكين الميمِ فعلى أصلِ حروف الهجاء أنَّها مبنيةٌ على الوقوفِ والسكون .