Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 3-5)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ، قرأ ابراهيمُ بن أبي عبلة : ( نَزَل عَلَيْكَ الْكِتَابَ ) بتخفيف الزاي ، وقرأ الباقون بالتشديد ، ونصبَ الياءَ لأنَّ القرآنَ كان ينْزل مُنَجَّماً شيئاً بعد شيء ، والتنْزِيل مرَّةً بعد مرَّةٍ . قال اللهُ تعالى : { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } ؛ لأنَّهما نَزَلَتَا دفعةً واحدة . ومعنى الآية : نزَّلَ عليكَ يا مُحَمَّدُ القرآنَ بالصدقِ لإقامةِ أمر الحقِّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ؛ أي مُوَافِقاً لِما تقدَّمَه من التوراة والانجيلِ وسائرِ كتب الله تعالى في الدُّعاء إلى توحيدِ الله ، وبيان أقَاصِيص الأنبياءِ والأمرِ بالعدل والإحسَان وسائرِ ما لا يجري فيه النَّسْخُ وبعض الشرائع . وانتصَبَ { مُصَدِّقاً } على الحالِ من الكتاب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } أي أنزلَ التوراة جملةً على موسى ، والإنجيل جملة على عيسى { مِن قَبْلُ } القرآنِ ، { هُدًى لِّلنَّاسِ } ؛ أي بياناً ونوراً وضياءً لمن تبعه . وموضع { هُدًى } نصب على الحال . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } ؛ يعني القرآنَ ، وأمَّا ذِكْرُهُ لبيانِ أنهُ يُفَرِّقُ بين الحقِّ والباطل ، ومتى اختلفَ فوائدُ الصفاتِ على موصوفٍ واحد لم يكن ذِكْرُ الصفةِ الثانية تَكْراراً ، بل تكونُ الثانيةُ في حُكْمِ المبتدلات لكلِّ صفة فائدةٌ ليست للأخرى ، والصفةُ الأولى تفيدُ أنَّ من شأنِهِ أن يُكْتَبَ ، والصفةُ الثانية تفيدُ أنَّ من شأنه أن يُفَرِّقَ بين الحق والباطلِ . وقيل : إنَّ كلَّ كتاب لله فهو فرقانٌ . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } ، معناهُ : إنَّ في كُتُب اللهِ ما يدلُّ على صدق قولِكَ ؛ فمَنْ جَحَدَ بآياتِ الله وهي العلاماتُ الْهَادِيَةُ إليه الدَّالَّةُ على توحيدهِ فأولئِكَ لَهم عذابٌ شديدٌ ، { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } أي ذو نِقْمَةٍ يَنْتَقِمُ ممن عصاهُ . ثم حذرَهم عن التلبُّس والاستتار عن المعصية ، فقالَ : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } ، أي لا يخفَى عليه قولُ الكفَّار وعملُهم ، يُحصي كلَّ ما يعملونَه فيجازيهم عليه في الآخرةِ . وفائدةُ تخصيصِ الأرض والسماء وإنْ كان اللهُ لا يَخفى عليه شيءٌ بوجهٍ من الوجوه : أنَّ ذِكْرَ الأرضِ والسماء أكبرُ في النفسِ وأهولُ في الصدر ، فذكرَه على وجه الأهوالِ ، إذ كان الغرضُ به التحذير .