Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 83-83)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } ؛ قرأ أبو عمرٍو : ( يَبْغُونَ ) بالياء ، و ( تُرْجَعُونَ ) بالتاء ، قالَ : ( لأنَّ الثَّانِي أعَمُّ ، وَالأوَّلُ خَاصٌّ ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى ) . وقرأ الحسنُ ويعقوبُ وسلام وحَفْصُ : ( يَبْغُونَ ) بالياء ، و ( يُرْجَعُونَ ) بالياء أيضاً . وقرأ الباقونَ بالتاءِ فيهما على الخطاب . ومعنى الآيةِ : أبَعْدَ هذه الوثائقِ الجارية بينَهم وبينَ اللهِ في أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يطلبُون دِيناً سوى ما عَهِدَهُ اللهُ إليهم . قال الكلبيُّ : ( وَذلِكَ أنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حِيْنَ اخْتَلَفُواْ فِي دِيْنِ إبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ ؛ كُلُّ فِرْقَةٍ قَدْ زَعَمَتْ أنَّهَا أوْلَى بدِيْنِهِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " كِلاَ الْفَرِيْقَيْنِ بَرِيْءٌ مِنْ دِيْنِ إبْرَاهِيْمَ " فَغَضِبُواْ وَقَالُواْ : وَاللهِ مَا نَرْضَى بقَضَائِكَ وَلاَ نَأْخُذُ بدِيْنِكَ ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } أي له أخلصَ وَخَضَعَ . قال الكلبيُّ : ( أمَّا أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَمَنْ وُلِدَ فِي الإسْلاَمِ مِنْ أهْلِ الأَرْضِ أسْلَمُواْ طَائِعِيْنَ ، وَمَنْ أبَى قُوتِلَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الإسْلاَمِ كَرْهاً ؛ يُجَاءُ بهِمْ أسَارَى فِي السَّلاَسِلِ وَيُكْرَهُونَ عَلَى الإسْلاَمِ ) . وَفِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : " عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إلَى الْجَنَّةِ بالسَّلاَسِلِ " قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } أي إلى جَزَائِهِ تُرْجَعُونَ في الآخرةِ ، فَبَادِرُوا إلى دِينه ولا تطلبُوا غيرَ ذلك ، وقيل معنى : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي أقَرُّواْ لَهُ بالألُوهيَّة كما قالَ اللهُ تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] . وقال الزجَّاج : ( مَعْنَاهُ : أنَّ كُلَّهُمْ خَضَعُواْ للهِ مِنْ جِهَةِ مَا فَطَرَهُمُ اللهُ عَلَيْهِ ) . قال الضحَّاك : ( هَذا حِيْنَ أخِذ مِنْهُ الْمِيثَاقُ وَأقَرَّ بهِ ) . وقال الكلبيُّ : ( مَعْنَاهُ : الَّذِي أسْلَمَ طَوْعاً أيِ الَّذِي وُلِدَ فِي الإسْلاَمِ ، وَبالَذِي أسْلَمَ كَرْهاً يَعْنِي الَّّذِي أجْبرَ عَلَى الإسْلاَمِ ، فَيُؤْتَى بهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فَيُكْرَهُونَ عَلَى الإسْلاَمِ ) . قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ الْمَلاَئِكَةِ أطَاعُواْ فِي السَّمَاءِ ؛ وَالأَنْصَارُ فِي الأَرْضِ " وقال صلى الله عليه وسلم : " وَلاَ تَسُبُّواْ أصْحَابي فَإنَّهُمْ أسْلَمُواْ مِنْ خَوْفِ اللهِ ، وَأَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ خَوْفِ سُيُوفِهِمْ " وقال الحسنُ : ( الطَّوْعُ : لأَهْلِ السَّمَاوَاتِ خَاصَّةً ، وَأَهْلُ الأرْضِ مِنْهُمْ مَنْ أسْلَمَ طَوْعاً ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ أسْلَمَ كَرْهاً ) . وقرأ الأعمش : ( كُرْهاً ) بضمِّ الكافِ . وأما انتصابُ ( طَوْعاً ) و ( كَرْهاً ) فلأنَّهما مصدران وُضِعَا موضعَ الحالِ كما يقالُ : جِئْتُ رَكْضاً وَعَدْواً ؛ أي راكضاً وماشِياً بسرعةٍ ؛ كأنَّهُ قَالَ : ولهُ أسْلَمَ مَن في السماواتِ والأرض طائِعِيْنَ وَكَارهِيْنَ . وعن ابنِِ عبَّاس أنهُ قال : ( إذا اسْتضَعَنَتْ دَابَّةُ أحَدِكُمْ أوْ كَانَتْ شَمُوساً فَلْيَقْرَأ فِي أذُنِهَا هَذِهِ الآيَةَ : { أفَغَيْرَ دِيْنِ اللهِ يَبْغُونَ } إلَى آخِرِهَا ) .