Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 89-90)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } ؛ استثناءٌ من قولِ الله عَزَّ وَجَلَّ { أنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله } ؛ ومعناهُ : { إلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ } الكفرِ والشِّرك بعدَ ارتدادِهم ؛ { وَأَصْلَحُواْ } أي لَم يكتفُوا بمجرَّد الإيْمانِ . ويقال : أصْلَحُوا أعمالَهم بالتوبةِ ، وقيل : أصْلَحُوا ما أفسدُوه من الناسِ مِمَّن تَبعَهُمْ ، { فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ؛ أي يتجاوزُ عنهم ، رَحِيْمٌ بهم بعدَ التوبةِ . قال ابنُ عبَّاس : ( لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ لِلْحَارثِ بْنِ سُوَيْدٍ : [ الرُّخْصَةُ فِي التَّوْبَةِ ] أرْسَلَ أخُوهُ الْجَلاَّسُ إلَيْهِ : أنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ التَّوْبَةَ ؛ فَارْجِعْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَذِرْ إلَيْهِ . فَرَجَعَ وَتَابَ ، وَقَبلَ ذلِكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَبَلَغَ ذلِكَ أصْحَابَهُ الَّذِيْنَ بمَكَّةَ ؛ فَقَالُواْ : نَتَرَبَّصُ بمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ ؛ فَإنْ بَدَا لَنَا الرَّجْعَةُ إلَيْهِ ذَهَبْنَا كَمَا ذَهَبَ الْحَارثُ فَيَقْبَلُ تَوْبَتَنَا ) فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } ؛ إنَّ الذينَ كفروا باللهِ وبالرسولِ بعدَ تصديقِهم ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً بقولِهم : نُقِيْمُ بِمَكَّةَ مَا بَدَا لَنَا ، لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ، { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } ؛ أي عنِ الإسلامِ . وفي هذه الآيةِ دليلٌ على أنَّ هؤلاء لم يكونُوا مُحَقِّقِيْنَ ؛ لأنه قالَ : { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ } . وكانت هذهِ الآيةُ خاصَّة في قومٍ عَلِمَ اللهُ أنَّهم لا يَتُوبُونَ إلاّ عند حُضور الموتِ ، وماتَ طُعْمَةُ كَافِراً ، ولو كانوا يُحَقِّقُونَ التوبةَ قبلَ الْمُعَايَنَةِ لَقُبلَتْ توبتُهم . ويجوزُ أن يكونَ بمعنى : { لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } أي التوبةُ التي يتوبُونَها عندَ الموتِ . قوله عَزَّ وجَلَّ : { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } . قال الحسنُ وقتادة وعطاءُ : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْيَهُودِ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ بعِيْسَى عليه السلام وَالإِنْجِيْلِ بَعْدَ إيْمَانِهِمْ بأَنْبيَائِهِم وَكُتُبهِمْ ؛ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنِ ) .