Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 91-91)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ } ؛ أي إنَّ الذينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا على كُفْرِهِمْ لو كانَ لأحدِهم في الآخرة مِلْءُ الأرضِ ذهباً فافتدَى به لن يُقْبَلَ منهُ ، كما رُوي : أنه يقالُ للكافرِ يومَ القيامة : لو كانَ لكَ مِلْءُ الأرضِ ذهباً أكُنْتَ تفتدي بهِ مِن العذاب ؟ فيقولُ : نَعَمْ ، فيقالُ له : قد سُئلتَ ما هو أيسرُ عليكَ من هذا فلم تَفْعَلْ ؟ وقولهُ تعالى : { ذَهَباً } نُصِبَ على التفسيرِ في قول الفرَّاء ، ومعنى التفسِير : أن يكون الكلامُ تامّاً وهو مُبْهَمٌ كقولهِ : عندِي عُشْرُونَ فالعددُ معلومٌ والمعدودُ مُبْهَمٌ ، فإذا قلتَ : عُشْرونَ دِرْهَماً ؛ فسَّرْتَ العددَ ؛ ولذلكَ إذا قلتَ : هو أحْسَنُ الناسِ ؛ فقد أخبرتَ عن حُسْنِهِ ولم تُبَيِّنْ في أيِّ شيءٍ . فاذا قلتَ : وَجْهاً أو فِعْلاً ؛ فَقَدْ بَيَّنْتَهُ ونصبتَ على التَّفسيرِ ، وإنَّما نصبتَهُ لأنَّهُ ليسَ له ما يخفِضُه ولا ما يرفعُه ، فلمَّا خلاَ من هَذين نُصِبَ ؛ لأن النصبَ أخفُّ الحركاتِ ؛ فجُعِلَ لكلِّ ما لا عَامِلَ لهُ . وقال الكسائيُّ : ( نُصِبَ عَلَى إضْمَار ( مِنْ ذهَبٍ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً } [ المائدة : 95 ] أيْ مِنْ صِيَامٍ ) . وقد يقالُ : نُصبَ على التمييزِ ثلاثةُ أشياءٍ : تَمييزُ جملةٍ مبهمَةٍ كما في قولهِ : { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } [ الكهف : 34 ] ، وتَمييزُ عددٍ مُبْهَمٍ كقولِكَ : عُشْرُونَ دِرْهَماً ، وتَمييزُ مِقدارٍ مُبْهَمٍ كما يقالُ : عِنْدِي مِلْءُ زقٍّ عَسَلاً . وأمَّا دخولُ الواو في قولهِ : { وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ } ؛ فقال بعضُهم : هي زائدةٌ . وقال الزجَّاج : ( لَيْسَتْ بزِائِدَةٍ ؛ وإنَّمَا هِيَ لِتَعْمِيْمِ النَّفْيِ لِوُجُوهِ الْقَبُولِ ، ولَوْ لَمْ تَكُنْ وَاواً لأَوْهَمَ الْكَلاَمُ ؛ لأَنَّ ذلِكَ لاَ يُقْبَلُ فِي الإفْتِدَاءِ ، وَيُقْبَلُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الإفْتِدَاءِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ؛ أي أهلُ هذه الصِّفةِ لَهم عذابٌ وَجِيْعٌ في الآخرةِ ، { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } ؛ أي من مَانِعٍ يَمْنَعُهُمْ مِن العذاب .