Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 28-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } ؛ قال المفسِّرون : " كان بعضُ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلْنَهُ شيئاً من عَرَضِ الدُّنيا وآذينَهُ بزيادةِ النَّفقة ، فهَجَرَهُنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وآلَى منهنَّ شهراً أنْ لا يقرَبَهن ولَم يخرج إلى أصحابهِ للصَّلوات . فقالتِ الصحابةُ : مَا شَأْنُ رَسُولِ اللهِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : إنْ شِئْتُمْ ذَهَبْتُ إلَيْهِ لأُعْلِمَكُمْ مَا شَأْنُهُ ؟ فَذَهَبَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذنَ فَأَذِنَ لَهُ . قَالَ عُمَرُ : فَجَعَلْتُ أقُولُ فِي نَفْسِي : أيُّ شَيْءٍ أكَلِّمُ بهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّهُ يَنْبَسِطُ ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ لَوْ رَأيْتَ فُلاَنَةَ وَهِيَ تَسْأَلُنِي النَّفَقَةَ فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " فَذلِكَ الَّذِي أجْلَسَنِي عَنْكُمْ " . فَأَتَى عُمَرُ حَفْصَةَ فَقَالَ لَهَا : لاَ تَسْأَلِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً فَمَا كَانَ مِنْ حَاجَتِهِ لَكَ فَأَوْلَى . ثُمَّ جَعَلَ يَتَتَبَّعُ نِِسَاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُهُنَّ ، حَتَّى قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : يَغُرُّكَ أنَّكِ امْرَأةٌ حَسْنَاءُ وَإنَّ زَوْجَكِ يُحِبُّكِ لَتَنْتَهِيَنَّ أوْ لَيُنْزِلَنَّ اللهُ فِيْكُنَّ الْقُرْآنِ . فَقَالَتْ أُمُّّ سَلَمَةَ : يَا ابْنَ الْخَطَّاب ؛ أوَمَا بَقِيَ لَكَ إلاَّ أنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وَنِسَائِهِ ! فَمَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأةُ إلاَّ زَوْجَهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ } " إلى آخرها . وكان يومئذٍ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تسعُ نِسوَةٍ ؛ خمسٌ من قُريش : عائشةُ بنت أبي بكر ، وحفصةُ بنت عُمر ، وأمُّ حبيبةَ بنت أبي سُفيان ، وسَوْدَةُ بنتُ زَمْعَةَ ، وأمُّ سَلَمَةَ بنت أبي أُميَّة ، فهؤلاءِ من قريشٍ . وصفيَّة بنتُ حَييِّ بن أخطب الخيبريَّة ، وميمونةُ بنت الحارثِ الهلالية ، وزينبُ بنت جحشٍ ، وجُوَيْرِيَّةُ بنت الحارثِ الْمُصْطَلِقِيَّةُ . وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِساً مَعَ حَفْصَةَ ، فَتَشَاجَرَا فِيْمَا بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَكِ أنْ أجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ رَجُلاً ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَبُوكِ إذاً ، فَأَرْسَلَ إلَى عُمَرَ رضي الله عنه ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَ : تَكَلَّمِي ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ تَكَلَّمْ وَلاَ تَقُلْ إلاَّ حَقّاً ! فَرَفَعَ عُمَرُ يَدَهُ فَوَجَّى وَجْهَهَا ثُمَّ رَفَعَ فَوَجَّى وَجْهَهَا ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " كُفَّ " . فَقَالَ عُمَرُ : يَا عَدُوَّةِ اللهِ ! أوَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ إلاَّ حَقّاً ، وَالَّذِي بَعَثَهُ بالْحَقِّ لَوْلاَ مَجْلِسُهُ مَا رَفَعْتُ يَدِي حَتَّى تَمُوتِي . فَقَامَ صلى الله عليه وسلم فَصَعَدَ إلَى غُرْفَةٍ ، فَمَكَثَ فِيْهَا شَهْراً لاَ يَقْرَبُ شَيْئاً مِنْ نِسَائِهِ ، يَتَغَدَّى وَيَتَعَشَّى فِيْهَا ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } الآيَةُ ، فَنَزَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَرََضَ ذلِكَ عَلَيْهِنَّ كُلُّهُنَّ ، فَلَمْ يَخْتَرْنَ إلاَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَكَانَ آخِرُ مَنْ عَرَضَ عَلَيْهَا حَفْصَةُ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ إنِّي فِي مَكَانِ الْعَائِذة بكَ مِنَ النَّار ، وَاللهِ لاَ أعُودُ لِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ أبَداً ، بَلْ أخْتَارُ اللهَ وَرَسُولَهُ ، فَرَضِيَ عَنْهَا " . وَقِيْلَ : إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ التَّخْييْرِ بَدَأ بعَائِشَةَ أحَبُّهُنَّ إلَيْهِ ، فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، فَرُؤيَ الْفَرَحُ فِي وَجْهِهِ عليه السلام ، وَتَابَعَهَا جَمِيْعُ نِسَائِهِ عَلَى ذلِكَ ، فَشَكَرَهُنَّ اللهُ وَقَصَرَ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِنَّ ، فَقَالَ { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } [ الأحزاب : 52 ] . قِيْلَ : " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَا عَائِشَةُ ؛ إنِّي ذاكرٌ لَكِ أمْراً فَلاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي فِيْهِ أبُوكِ " ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ، فَقَالَ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } إلَى قًَوْلِهِ : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضَيَ اللهُ عَنْهَا : قَدْ عَلِمَ اللهُ أنَّهُ أبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِنِي بفِرَاقِكَ ، وَهَلْ أسْتَأْمِرُ فِي هَذا ؟ ! إنِّي أُريْدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ . ثُمَّ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ لاَ تُخْبرْ أزْوَاجَكَ أنِّي اخْتَرْتُكَ . ثُمَّ فَعَلَ أزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فَعَلَتْ " . وَقِيْلَ : " لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْييْرِ ، دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ وَخَيَّرَهُنَّ ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ : " أمَّا أنْتِ فَلاَ تُحْدِثِي مِنْ أمْرِكِ شَيْئاً حَتَّى تُشَاورِي أبَوَيْكِ " فَقَالَتْ : أفِيْكَ أُشَاورُهُمَا ؟ ! أنَا أخْتَارُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، مَا لَنَا وَالدُّنْيَا ؟ ! فَتَبعَهَا سَائِرُ أزْوَاجِهِ ، وَلَمْ تَخْتَرْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا إلاَّ الْمَرْأةُ الْحِمْيَِرِيَّةُ " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } أي أُعطيكن مهرَكُنَّ { وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } أي أُطَلِّقْكُنَّ على وجه السُّنة . وَقِيْلَ : معناهُ : أُخْرِجْكُنَّ من البُيوتِ ، لأنه ذكرَ المتعةَ قبل التَّسريحِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ؛ أي ثوابَ اللهِ ورضَى رسولهِ { وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } أي الجنَّةَ ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ } ؛ باختيَار ثواب الله ورضَى رسولهِ ، { أَجْراً عَظِيماً } ، في الآخرة .