Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 56-56)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ } ، معناه : أنَّ اللهَ يترَحَّمُ على النبيِّ ويُثني عليه ، وقوله : { وَمَلاَئِكَـتَهُ } أي والملائكة يدعونَ له بالرَّحمة ، وقوله تعالى : { يُصَلُّونَ } الضميرُ فيه يعودُ على الملائكة دون اسم الله تعالى ؛ لأن اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُفرِدُ ذِكرَهُ عن ذِكر غيره إعظاماً كما تقدم في قوله : { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [ التوبة : 62 ] . وقرأ ابن عباس : ( وَمُلاَئِكَتُهُ ) بالرفع عطفاً على محل قوله تعالى قبل دخول ( إنَّ ) ، ونظيره قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ } [ المائدة : 69 ] وقد مضى ذلك . وقيل : معنى قوله : { وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ } أي يُثْنُونَ ويترحَّمون ويَدْعُون له . وقال مقاتلُ : ( أمَّا صَلاَةُ اللهِ فَالْمَغْفِرَةُ ، وَأمَّا صَلاَةُ الْمَلاَئِكَةِ فَالاسْتِغْفَارُ لَهُ ) . وقولهُ تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ } ، أي قولوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد ، تَعظِيماً وإجْلاَلاً وتَفضِيلاً . وعن كعب بن عُجرة قال : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ، قِيلَ : " يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَاركْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيدٌ " " . وعن عبدِالله بن مَسعُود أنه قال : ( إذا صَلَّيْتُمْ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ ؛ فَإنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ لَعَلَّ ذلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ . قَالُواْ : فَعَلِّمْنَا ذلِكَ . قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، إمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ . اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبطُهُ فِيهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } ، يجوزُ أن يكون معناه : واخْضَعُوا لأمرهِ خُضوعاً ، ويجوز أن يكون معناه : الدُّعاء بالسلامِ ، يقول : السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ . وعن الحسنِ قال : " سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقِيْلَ : يَا رَسُولَ اللهِ عَرَفْنَا السَّلاَمَ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " والأفضلُ في هذا الباب أن تصَلِّي على مُحَمَّد وعلى آلهِ ، فتقولَ : اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحََمَّد . فإنْ اقتُصِرَ على أحدهما جازَ . واختلفوا في كيفيَّة وجُوب الصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضُهم : تجبُ في العُمرِ مرَّة واحدةً بمنزلة الشهادَتين ، وإلى هذا ذهبَ الكرخيُّ قالَ : ( إذا صَلَّى عَلَيْهِ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ أدَّى فَرْضَهُ ، إلاَّ أنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ حَقِّهِ فِي الدِّينِ عَلَيْنَا ، كَمَا يَلْزَمُ الْمَرْءَ الدُّعَاءُ لأَبَوَيْهِ الْمُؤْمِنِيْنِ لِيَقْضِيَ بذلِكَ الدُّعَاءِ حَقَّهُمَا عَلَيْهِ ) . وقال بعضُهم : تجبُ عليه في كلِّ مجلسٍ مرَّة بمنزلة سَجدَةِ التِّلاوة . وقال الطحَّاويُّ : ( تَجِبُ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كُلِّمَا ذُكِرَ ) واستدلَّ بما رُوي أنَّ جبريلَ عليه السلام قالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصََلِّ عَلَيْكَ فَلاَ غَفَرَ اللهُ لَهُ " وقال الشافعيُّ رضي الله عنه : ( الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فَرْضٌ فِي كُلِّ صَلاَةٍ ) وهذا قولٌ لم يقُل به أحدٌ غيرهُ .