Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 15-15)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ } ؛ قال فروةُ بن مُسَيكٍ : " أتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ سَبَأ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : " رَجُلٌ مِنَ الْعَرَب أوْلَدَ عَشْرَةَ أوْلاَدٍ ، تَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ ، وَتَشَامَّ مِنْهُمْ أرْبَعَةٌ . فَأَمَّا الَّذِيْنَ تَيَامَنُواْ فَالأَزْدُ وَكِنْدَةُ وَحِمْيَرُ وَمُذْحَجُ وَالأَشْعَرِيُّونَ وَإنْمَارُ وَمِنْهُمْ بَجِيْلَةُ . وَأمَّا الَّذِيْنَ شَامُوا فعَامِلَةُ وَغَسَّانُ وَلَخْمٌ وَجُذامُ " والمرادُ بسَبَأ القبيلةُ الذين هُم مِن أولادِ سَبَأ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بن قَحطَانَ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { فِي مَسْكَنِهِمْ } أنه كانت مساكِنُهم بمَأْرَبَ مِن اليَمَنِ ( آيَةً ) أي علامةً يدلُّ على قُدرةِ اللهِ وأنَّ الْمُنْعِمَ عليهم هو اللهُ تعالى . ثُم فسَّر تلكَ الآيةِ فقالَ : { جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ } ؛ أي عَن يَمين وَادِيهم وشِمالهِ قد أحاطَتَا بذلك الوادِي الذي بين مسَاكِنهم . والمعنى : لقد كان لأهلِ سَبَأَ في مواضِعِهم علامةٌ ، وهي جَنَّتَانِ ؛ أي بُستَانَانِ ؛ إحدَاهُما عن يَمينِ الطريقِ ، وأُخرَى عن يسار الطَّريقِ ، ويقالُ : كان بُستَانَين عن يَمين الطريقِ وبُستانَين عن شِمال الطريقِ ، إلاّ أنَّ البَساتينَ كلَّ واحدٍ مِن الجانبين سُمي جَنَّةً لاتِّصالِ بعضِها ببعضٍ ، وكانوا في النِّعمةِ بحيثُ كانتِ المرأةُ تَمشِي في تلك الطريقِ بين البساتينِ وعلى رأسِها الزَّنبيلُ فيمتلئُ من ألوانِ الفاكهةِ مِن غيرِ أن تَمَسَّ شيئاً بيدِها . قرأ حمزةُ والنخعيُّ وحفص ( فِي مَسْكَنِهِمْ ) بفتحِ الكاف على الواحدِ ، وقرأ الأعمشُ والكسائي وخلَف : ( مَسْكِنَهُمْ ) بكسر الكاف على الواحد أيضاً ، وقرأ الباقون : ( مَسَاكِنِهِمْ ) على الجمعِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ } ؛ أي قيلَ لَهم : ( كُلُوا مِنْ رِزْقِ ربَكُمْ ) يعني هذه النِّعَمَ ، { وَٱشْكُرُواْ لَهُ } ؛ أي للهِ على نعمةِ هذه ، وهذا حدُّ الكلامِ ، اثُم ابتدأ فقال : { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ } ؛ أي هذه بلدةٌ طيبة أو لكُم بلدةٌ طيبة ، يعني ليست بسَبْخَةٍ ، ولَم يكن يُرَى بعوضةٌ قَطُّ ، ولا ذُبابٌ ولا بَرغُوثٌ ولا حيَّةٌ ولا عقربٌ ، وأنَّ الرجلَ الغريبَ ليأتِيَها وفي ثوبهِ القملُ والدوابُّ ، فحين يرَى بُيوتَهم تَموتُ الدوابُ والقملُ . والمعنى : بلدةٌ طيِّبةُ الهواءِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَرَبٌّ غَفُورٌ } ؛ أي غفورُ الخطَايَا ، كثيرُ العطايَا .