Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 16-16)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ } ؛ أي فأعرَضُوا عن الحقِّ وكفَرُوا وكذبُوا أنبيائَهم ، ولَم يشكرُوا نِعَمَ اللهِ ، وقالوا : لا نعرفُ لله تعالى نِعْمَةً علينا ! وقالوا لأنبياءهم : قولُوا لربكم الذي يَزعمُونَ أنه مُنْعِمٌ فليحبسْ عنَّا نِعَمَهُ إنِ استطاعَ ! قال وهبُ : ( بَعَثَ اللهُ تَعَالَى إلَى سَبَأ ثَلاَثَةَ عَشَرَ نَبيّاً ، فَدَعَوْهُمْ إلَى اللهِ وَذكَّرُوهُمْ نِعَمَهُ ، وَخَوَّفُوهُمْ عِقَابَهُ ، فَكَذبُوهُمْ وَقََالُواْ : مَا نَعْرِفُ للهِ عَلَيْنَا نِعْمَةً ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ } ، قال ابنُ الأعرَابيِّ : ( الْعَرِمُ : السَّيْلُ الَّذِي لاَ يُطَاقُ ) ، وقال مقاتلُ : ( الْعَرِمُ وَادِي سَبَأ ) . وَقِيْلَ : العَرِمُ : المطرُ الشديدُ الذي يأتِي منه سَيْلٌ لا يطاقُ دَفْعُهُ ، وعَرْمَةُ الماءِ ذهَابُهُ في كلِّ مذهبٍ . وَقِيْلَ : العَرِمُ هو الفَأرُ الذي نَقَبَ السدَّ عليهم ، وصِفَةُ ذلكَ : أن الماءَ كان يأتِي أرضَ سَبَأ مِنَ الشَّجرِ وأوديةِ اليَمَنِ ، فَرَدَمُوا رَدْماً بين جَبلَين وحبَسُوا الماءَ في ذلك الرَّدْمِ ، وجعَلُوا لذلكَ الرَّدمِ ثلاثةَ أبوابٍ بعضُها فوق بعضٍ ، وكانوا يَسْقُونَ مِن الباب الأعلى ، ثُم مِن الباب الثانِي ، ثم مِن الباب الأسفَلِ ، فلا ينفذُ الماءُ حتى يأتِي ماءُ السَّنة الثانيةِ ، فأخصَبُوا وكَثُرَتْ أموالُهم . فلمَّا كذبُوا الرُّسُلَ بعثَ اللهُ عليهم جِرْذاً نقبَ ذلك الرَّدْمَ ، فاندفعَ الماءُ عليهم وعلى جنَّتَيهِم ، فدَفَنَ السَّيلُ بُيوتَهم وأغرقَ جنَّتَيهِم وخرَّبَ أراضَيهِم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ } ؛ أي بدَّلنَاهم بالجنَّتَين اللَّتين أهلكنَاهما جنَّتين ، { ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } ؛ الأُكُلُ : اسمٌ لِمَا يؤكَلُ . والْخَمْطُ : شَجَرُ الأرَاكِ ، ويقالُ : الْخَمْطُ كلُّ نَبْتٍ قد أخذ طَعْماً مِن مرارةٍ حتى لا يُمكنُ أكلهُ . وَقِيْلَ : هو شجرٌ ذاتُ شَوكٍ . قرأ أبو عمرٍو ويعقوبُ ( أُكُلِ خَمْطٍ ) بالإضافةِ ، وقرأ الباقون ( أُكُلٍ ) بالتَّنوينِ ، وهما مُتقاربان في المعنى . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَثْلٍ } ؛ الأثْلُ : ما عَظُمَ من شَجَرِ الطَّرْفَاءِ ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } ؛ والسِّدْرُ إذا كان بَرِّيّاً لا يُنتفَعُ به ولا يصلحُ ورَقُهُ للغُسُولِ ، كما يكونُ ورَقُ السِّدر الذي نَبَتَ على الماءِ . ومعنى قَوْلِهِ تَعَالَى { وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } يعني أن الْخَمْطَ وَالأثْلَ كان أكثرَ في الجنَّتين المبدَّلَتين من السِّدر . قال قتادةُ : ( كَانَ شَجَرُ الْقَوْمِ مِنْ خَيْرِ الشَّجَرِ ، فَبَدَّلَهُ اللهُ مِنْ شَرِّ الشَّجَرِ بأعْمَالِهِمْ ) ، والسِّدْرُ هو شجرُ النَّبْقِ .