Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 18-20)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } ؛ أي لا تحملُ يومَ القيامةِ حمل حاملةٍ أُخرى ؛ أي لا تؤخذُ نفسٌ بذنب غيرِها ، { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ } ؛ بالذُّنوب ، { إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ } ، إلى أن يُحمَلَ عنها شيءٌ من ذنوبها لا تُحمَلُ مِن ذنوبها شيءٌ ، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } ، ولو كانت المدعوَّةُ ذاتَ قرابةٍ من الداعيةِ لِمَا في ذلك مِن غِلَطِ حملِ الآثام ، ولو تحمَّلتْهُ لا يُقبَلُ حملها ؛ لأن كلَّ نفسٍ بما كسبَتْ رهينةٌ ، فلا يؤخَذُ أحدٌ بذنب غيرهِ . وسُئل الحسنُ بن الفضلِ عن الجمعِ بين هذه الآيةِ وبين قولهِ { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [ العنكبوت : 13 ] فقالَ ( قَوْلُهُ { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } يَعْنِي طَوْعاً ، وَقَوْلُهُ { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [ العنكبوت : 13 ] يَعْنِي كَرْهاً ) . قال ابنُ عبَّاس : في قولهِ { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ } قال : ( يَقُولُ الأَبُ وَالأُمُّ : يَا بُنَيَّ احْمِلْ عَنِّي ، فَيَقُولُ : حَسْبي مَا عَلَيَّ ) . قوله تعالى : { إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } ؛ يقولُ : إنما ينتفعُ بإنذارِكَ ووَعْظِكَ الذين يُطيعون ربَّهم في السرِّ ، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } ؛ المفروضةَ ، ولأن مَن خَشِيَ اللهَ واجتنبَ المعاصي في السرِّ مِن خشيةِ الله تعالى ، اجتنبَها لا محالةَ في العَلانيةِ . ويقال : إنَّ الخشيةَ في السرِّ ، والإقدامَ على الطاعةِ في السرِّ ، واجتنابَ المعصيةِ في السرِّ ، أعظمُ عندَ اللهِ ثواباً ، كما قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَا تَقَرَّبَ امْرِئٌ بشَيْءٍ أفْضَلَ مِنْ سُجُودٍ خَفِيٍّ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ " وأما عطفُ الماضِي في قولهِ تعالى { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } على المستقبَلِ في قولهِ { يَخْشَوْنَ } ، ففائدةُ ذلك أنَّ وجوبَ خشيةِ الله لا تختصُّ بزمانٍ دون زمانٍ ولا بمكان دون مكانٍ ، ووجوبُ إقامةِ الصَّلاة يختصُّ ببعضِ الأوقاتِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ } ؛ أي ومَن تطَهَّرَ من دَنَسِ الذُّنوب والشِّركِ ليكون عند ربه زكيّاً ، فإن منفعةَ تطَهُّرهِ راجعةٌ إلى نفسهِ ، { وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } ؛ أي إليه يرجعُ الخلق كلُّهم في الآخرةِ ، { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } ؛ يعني الْمُشرِكُ والمؤمنُ ، { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } ؛ أي ولا الشِّركُ ولا الضَّلالُ كالنور والهدى والإيمان .