Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 12-12)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } ؛ أي بل عَجِبتَ يا مُحَمَّد من إنكارهم للبعث مع ظُهور ما وَجَبَ من الحجَّة والأدلة ، ويقالُ : بل عَجِبَ من جهلِهم حيث اختارُوا ما تجبُ به النارُ لهم وتركوا ما يجب لهم به الجنَّة ، وهم يسخَرون من بعثَتِكَ ، ويستهزِئون بكلامِكَ بالقرآنِ . وقرأ حمزةُ والكسائي وخلَف بضمِّ التاء ، وهي قراءةُ ابنِ مسعود على معنى أنَّهم قد حَلُّوا محلَّ مَن تعجَّبَ منهم ، وقال الحسنُ بن الفضل : الْعَجَبُ مِنَ اللهِ عَلَى خِلاَفِ الْعَجَب مِنَ الآدَمِيِّينَ ، وَإنَّمَا مَعْنَى الْعَجَب هَا هُنَا هُوَ الإنْكَارُ وَالتَّعْظِيمُ ، وَقَدْ جَاءَ الْخَبَرُ : " أنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّاب لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ " . وَقِيْلَ : إن الجنيدَ سُئِلَ عن هذه الآيةِ فقال : ( اللهُ لاَ يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ ، وَلَكِنَّ اللهَ وَافَقَ رَسُولَهُ لَمَّا عَجِبَ رَسُولُهُ فَقَالَ : { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } [ الرعد : 5 ] أيْ هُوَ كَمَا تَقُولُهُ ) قال شُرَيحُ : ( إنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ لاَ يُعْلَمُ ، وَاللهُ تَعَالَى عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ ) . وقرأ الباقونَ ( بَلْ عَجِبْتَ ) بفتحِ التاء على خطاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم . و ( بَلْ ) معناه : تركُ الكلامِ الأوَّلِ والآخرِ في كلامِ آخر ، كأنَّهُ قال : دَعْ يا مُحَمَّد ما مضَى عجيبٌ من كفار مكَّة حين أوحيَ إليك القرآنُ ولَم يؤمنوا بهِ . وقولهُ تعالى { وَيَسْخَرُونَ } لأنَّ سُخرِيَتَهم بالقرآنِ تركُ الإيمانِ به ، قال قتادةُ : ( عَجِبَ نَبيُّ اللهِ مِنْ هَذا الْقُرْآنِ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ ، وَظَنَّ أنَّ كُلَّ مَنْ سَمِعَهُ آمَنَ بهِ ، فَلَمَّا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَمْ يُؤْمِنُواْ بهِ وَسَخِرُواْ مِنْهُ ، عَجِبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذلِكَ ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ نُزُولِ الْقُرْآنِ عَلَيْكَ وَتَرْكِهِمُ الإيْمَانَ ) .