Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 50-60)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } ؛ أي يتحدَّثون في الجنةِ عن أمُور الدُّنيا ، { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } ؛ في جواب ما يسألُ عنه : { إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } ؛ أي كان لِي صاحبٌ في الدُّنيا يقولُ لِي حين صدَّقتُ وهو منكِرٌ للبعثِ ، { يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } ؛ بالبعثِ ، { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً } ؛ باليةً ، { أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } ؛ أي لَمَجزِيُّون محاسَبون ؟ وهذا استفهامُ إنكار ، والدِّينُ : الحسابُ والجزاء ، كأنه يقول : إنَّ هذا الأمر ليس بكائنٍ . { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } ، قال قائل من أهل الجنة لأصحابه : هل تطَّلِعون على النار وعلى أهلِها فتنظُرون إلى هذا الذي كان قَريناً لِي وتعرِفُون حالَهُ ، فاطَّلعَ هو بنفسهِ على النار وأهلِها فرأى قَرِينَهُ في وسَطِ الجحيمِ يُعذبُ بألوانِ العذاب . قال ابنُ عبَّاس : ( وَذَلِكَ أنَّ فِي الْجَنَّةِ كُوَّةٌ يُنْظَرُ مِنْهَا إلَى أهْلِ النَّار ) ، { فَٱطَّلَعَ } ، هذا المؤمنُ ، { فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } ؛ أي في وسطِ النار يُعذب . فـ { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } ؛ أي أرَدتَ أنْ تُهلِكَني كهلاكِ الْمُتَرَدِّ من الشَّاهقِ ، وقال مقاتلُ : ( مَعْنَاهُ : لَقَدْ كِدْتَ أنْ تُغْوِيَنِي فَأَنْزِلَ مَنْزِلَكَ ) ، والإرْدَاءُ الإهْلاَكُ ، ومَن أغوَى إنساناً فقد أهلكَهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي } ؛ أي لولاَ إنعامهُ علَيَّ بالإسلامِ ، { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } ؛ معكَ في النار . وقال الكلبيُّ : ( ثُمَّ يُؤْتَى بالْمَوْتِ فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار ، وَيُنَادِي مُنَادٍ بأَهْلِ الْجَنَّةِ : خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ، وَبأَهْلِ النَّار : خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ) فيقولُ هذا القائلُ لأصحابهِ على جهة السُّرور : { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } ؛ في هذه الجنَّة أبداً ، { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ } ؛ التي كانت في الدُّنيا ، { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } ؛ أبداً . فيقالُ لَهم : لاَ ، فيقولون : { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ؛ فُزْنَا بالجنَّة ونَعِيمها ، ونَجَونا من النار وجحيمِها . فهذه قصةُ الأخَوَين ذكرَهما اللهُ في سورةِ الكهف بقوله تعالى { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } [ الكهف : 32 ] .